أي : بتغير الزمان على ما هو المتبادر الموافق لمضمون أكثر أحاديث الباب ، أو المراد بالتغير اختلاف حالاتهم ومراتبهم في منازلاتهم الشاملة لتغير أزمنتهم ، وعليه ظاهر الحديث الأول من الفصل الأول ، فتأمل .
الفصل الأول
5360 - ( عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما الناس " ) أي : في اختلاف حالاتهم وتغير صفاتهم ( " كالإبل المائة " ) قال الطيبي - رحمه الله تعالى - جل جلاله : اللام فيهما للجنس ، قال التوربشتي - رحمه الله تعالى - : الرواية فيه على الثبت كإبل مائة بغير ألف ولام فيهما ( " لا تكاد " ) أي : لا تقرب أيها المخاطب خطابا عاما ( " تجد فيها " ) أي : في مائة من الإبل ( " راحلة " ) أي : ناقة شابة ، قوية ، مرتاضة ، تصلح للركوب ، فكذلك لا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة ، وحمل المودة وركوب المحبة ، فيعاون صاحبه ويلين له جانبه ، وهذا زبدة كلام الشارح الأول ، ومن تابعه من شراح المصابيح . وقال الخطابي : معناه أن الناس في أحكام الدين سواء لا فضل فيها لشريف على مشروف ، ولا لرفيع منهم على وضيع ، كإبل المائة لا يكون فيها راحلة ، قال الطيبي - رحمه الله - : على القول الأول لا تجد فيها راحلة صفة الإبل ، والتشبيه مركب تمثيلي ، وعلى الثاني هو وجه الشبه ، وبيان لمناسبة الناس للإبل ، قلت : ولا يخفى ظهور المعنى الأول ، فتدبر وتأمل ، وخلاصته : أن المرضي المنتخب من الناس الصالح للصحبة سهل الانقياد عسر وجوده ، كالنجيبة الصالحة للركوب التي لا توجد في الإبل الكثيرة القوية على الأحمال والأسفار ، فذكر المائة للتكثير لا للتحديد ، فإن وجود العالم العامل المخلص من قبيل الكيمياء ، أو من باب تسمية العنقاء ، ولذا قال بعض العرفاء :
أتمنى على الزمان محالا أن ترى ملتقاي طلعة حر
وقال الآخر :
وإذا صفا لك من زمانك واحد فهو المراد وأين ذاك الواحد
وكان يقول بعض أرباب الحال : هذا زمان قحط الرجال ، وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=16065سهلا التستري خرج من مسجد ورأى خلقا كثيرا في داخله وخارجه ، فقال : أهل لا إله إلا الله كثير ، والمخلصون منهم قليل ، وقد نبه سبحانه على هذا المعنى في آيات منها قوله تعالى : وقليل من عبادي الشكور ، ومنها : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ، ومنها قوله تعالى في وصف السابقين المقربين : ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ( متفق عليه ) ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وهذا لفظ البخاري ، نقله ميرك عن التصحيح ، وفي الجامع بلفظ : إنما الناس كإبل مائة بالتنكير . رواه أحمد ، والشيخان ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .