6056 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( بينما رجل يسوق بقرة ) أي : يدفعها من ورائها ( إذ أعيا ) : بفتح الهمز وفي نسخة صحيحة : إذ عيي بفتح العين وكسر الياء الأولى أي تعب الرجل من المشي ( فركبها ، فقالت : إنا ) أي : جنس البقر ( لم نخلق لهذا ) أي : للركوب ( إنما خلقنا لحراثة الأرض ) : بفتح الحاء أي إثارتها لزراعتها ، وفيه دلالة على أن ركوب البقر والحمل عليها غير مرضي كما ذكره ابن الملك ، فالحصر إضافي لتأكيد ما قبله . وقال ابن حجر : استدل به على أن الدواب لا تستعمل إلا فيما جرت العادة باستعمالها فيه ، ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى تعظيم ما خلقت لأجله ، ولم يرد الحصر في ذلك لأنه غير مراد اتفاقا ، لأن من جملة ما خلقت له أن تذبح وتؤكل بالاتفاق . قلت : لا شك أن الحديث يفيد نفي جواز ركوب البقر ، لا سيما وقد قرره - صلى الله عليه وسلم - لنا وليس الكلام في ذبحها وأكلها لأنهما معلومان من الدين بالضرورة فهما مستثنيان شرعا وعرفا . ( فقال الناس ) أي : الحاضرون ( سبحان الله ) أي : تعجبا ( بقرة تكلم ) بضم الميم مضارع حذف منه إحدى التاءين أي البقرة تتكلم ، والحال أنها من الحيوانات الصامتة . ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإني أومن به ) : جزاء شرط محذوف أي : فإن كان الناس يستغربونه ويتعجبون منه فإني لا أستغربه وأومن به ( أنا وأبو بكر وعمر ) : قال شارح : عطف على المستكن في أومن وأنا تأكيد له .
وقال الطيبي - رحمه الله - فإن قلت : ما فائدة ذكر أنا وعطف ما بعده عليه ، وهذا عطف على المستتر في أومن مستغنيا عنه بالجار والمجرور ؟ قلت : لو لم يذكر أنا لاحتمل أن يكون وأبو بكر عطفا على محل إن واسمها ، والخبر محذوف فلا يدخل في معنى التأكيد ، وتكون هذه الجملة واردة على التبعية ولا كذلك في هذه الصورة يعني في زيادة أنا فإنه يفيد حينئذ الاشتراك . ( وما هما ثم ) . بفتح المثلثة وتشديد الميم أي : وليس أبو بكر وعمر في المكان الذي قال - صلى الله عليه وسلم - فيه الكلام المذكور ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : فإني أومن بذلك ، ثم أبو بكر وعمر وما هما في القوم يومئذ . قال التوربشتي : إنما أراد بذلك تخصيصهما بالتصديق الذي بلغ عين اليقين ، وكوشف صاحبه بالحقيقة التي ليس وراءها للتعجب مجال . قال ابن الملك ، قوله : به أي أصدق أنا بما أخبرني به الملك من تكلم البقرة ، وأبو بكر وعمر لقوة إيمانهما بما أخبرت . قال ابن حجر : هو محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أخبرهما به فصدقاه ، أو أطلق ذلك لما اطلع عليه من أنهما يصدقان بذلك ولا يترددان فيه اهـ . والأخير هو الصحيح لما يدل عليه مقام المدح ، وكما يشعر إليه قول الراوي : وما هما ثم ، وإلا فكل مؤمن يصدق النبي فيما أخبره به ، فلا بد من وجه يميزهما عن غيرهما ، كما يشير إليه مشاركتهما في الإيمان المنسوب إليه صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 3911 ] ( وقال ) أي : النبي - عليه السلام - : ( بينما رجل في غنم له ) أي : في قطعة غنم كائن له ملكا أو اختصاصا برعيها ( إذ عدا الذئب ) أي : حمل ذئب من الذئاب ( على شاة منها ) أي : من قطعة الغنم ( فأخذها ) ، أي الذئب الشاة ( فأدركها صاحبها فاستنقذها ) أي : استخلصها من الذئب ( فقال له الذئب : فمن لها ) أي : فمن يحفظ الشاة ( يوم السبع ) ، بفتح السين المهملة وسكون الموحدة ، وفي نسخة بضمها ( يوم لا راعي لها غيري ) ؟ قال شارح : روي السبع بضم الباء وسكونها كعضد وعضد ، والمراد بيوم السبع حين يموت الناس ويبقى الوحوش ، أو يوم الإمهال من قولهم : سبع الذئب الغنم إذا افترسها وأكلها ، فالمراد به من لها عند الفتن حين يتركها الناس لا راعي لها نهبة للذئاب والسباع ، فجعل السبع لها راعيا إذ هو منفرد بها ، ويكون حينئذ بضم الباء ، وقيل : يسكن على لغة تميم ، وهذا إنذار ربما يكون من الشدائد والفتن التي يهمل الناس فيها مواشيهم ، فيتمكن منها السباع بلا مانع ، وقيل يوم السبع بسكون الباء ، ويروى بضمها أيضا : عيد كان لأهل الجاهلية يجتمعون فيه على اللهو ويهملون مواشيهم ، فيأكلها السبع ، وقيل : السبع بسكون الباء الموضع الذي عنده المحشر يريد بيومه يوم القيامة ، وهو ضعيف لا يناسب ما بعده من قوله : يوم لا راعي لها غيري . ( فقال الناس : سبحان الله ، ذئب يتكلم ! ) فقال : ( أومن به أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم ) متفق عليه . وأخرجه أحمد .