1837 - ( عن قبيصة ) بفتح القاف وكسر الموحدة ( ابن مخارق ) بضم الميم وكسر الراء ، ( قال : تحملت حمالة ) بفتح الحاء وتخفيف الميم : ما يتحمله عن غيره من دية أو غرامة لدفع وقوع حرب يسفك الدماء بين فريقين . ذكره ابن الملك وغيره من علمائنا ، قال الطيبي : أي ما يتحمله الإنسان من المال أي يستدينه ويدفعه لإصلاح ذات البين فتحل له الصدقة إذا لم تكن الحمالة في المعصية ( فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها ) أي في الحمالة بمعنى لأجلها ( فقال : " أقم " ) أمر من الإقامة بمعنى اثبت واصبر " حتى تأتينا الصدقة " أي يحضرنا مالها " فنأمر لك بها " أي بالصدقة أو بالحمالة ( ثم قال : " يا قبيصة إن المسألة " ) أي السؤال والشحذة " لا تحل إلا لأحد ثلاثة " في شرح [ ص: 1308 ] ابن الملك قالوا : هذا بحث سؤال الزكاة وأما سؤال صدقة التطوع فمن لا يقدر على كسب لكونه زمنا أو ذا علة أخرى جاز له السؤال بقدر قوت يومه ولا يدخر ، وإن كان قادرا عليه فتركه لاشتغال العلم جازت له الزكاة وصدقة التطوع ، فإن تركه لاشتغال صلاة التطوع وصيامه لا تجوز له الزكاة ويكره له صدقة التطوع ، فإن جلس واحد أو جماعة في بقعة واشتغلوا بالطاعة ورياضة الأنفس وتصفية القلوب يستحب لواحد منهم أن يسأل صدقة التطوع وكسرات الخبز لهم واللباس لأجلهم " رجل " بالجر بدل من أحد ، وقال ابن الملك : من ثلاثة وبالرفع خبر مبتدأ محذوف " تحمل حمالة فحلت له المسألة " أي جازت بشرط أن يترك الإلحاح والتغليظ في الخطاب " حتى يصيبها " أي إلى أن يجد الحمالة أو يأخذ الصدقة ( ثم يمسك ) أي عن المسألة ، يعني إذا أخذ من الصدقات ما يؤدي ذلك الدين لا يجوز أخذ شيء آخر منها ، كذا ذكره ابن الملك وفيه نظر " ورجل " بالوجهين " أصابته جائحة " أي آفة وحادثة مستأصلة من جاحه يجوحه إذا استأصله وهي الآفة المهلكة للثمار والأموال ( اجتاحت ) أي استأصلت وأهلكت " ماله " من ثمار بستانه أو غيره من الأموال " فحلت له المسألة " أي سؤال المال من الناس " حتى يصيب قواما " أي إلى أن يدرك ما تقوم به حاجته الضرورية " من عيش " أي معيشة من قوت ولباس " أو قال " شك من الراوي " سدادا من عيش " بالكسر وهو الصواب ما يسد به الفقر ويدفع ويكفي الحاجة " ورجل " بالوجهين أي غني " أصابته فاقة " أي حاجة شديدة اشتهر بها بين قومه " حتى يقوم " أي على رءوس الأشهاد " ثلاثة من ذوي الحجا " بكسر الحاء وفتح الجيم أي العقل الكامل ( من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة ) أي يقوم ثلاثة قائلين هذا القول ، والمراد المبالغة في ثبوت الفاقة ، قال الصغاني : هكذا وقع في كتاب مسلم : يقوم ، والصحيح : يقول باللام ، وكذا أخرجه أبو داود وكذا في المصابيح ، وأجيب بأن تقدير القول مع القيام آكد ، وأغرب ابن حجر قال : وبما تقرر في معنى " يقوم " ، اندفع قول الصغاني ووجه غرابته أن كلام الصغاني في تصريح الرواية لا في تصحيح الدراية مع أن عدم الاحتياج إلى التقدير أظهر في مقام التقرير ، هذا وقد أبعد من قال إن " يقوم " بمعنى " يقول " ، وصححه ابن حجر ووجه بعده أن القول يأتي بمعنى الفعل لا العكس كما في هذا المحل فتأمل . قال ابن الملك : وهذا على سبيل الاستحباب والاحتياط ليكون أدل على براءة السائل عن التهمة في ادعائه وأدعى للناس إلى سرعة إجابته ، وخص بكونهم من قومه لأنهم هم العالمون بحاله وهذا من باب التبيين والتعريف إذ لا مدخل لعدد الثلاث من الرجال في شيء من الشهادات عند أحد من الأئمة ، وقيل : إن الإعسار لا يثبت عند البعض إلا بثلاثة لأنها شهادة على النفي فثلثت على خلاف ما اعتيد في الإثبات للحاجة ، وقال السيد جمال الدين نقلا عن التخريج : أخذ بظاهر الحديث بعض أصحابنا ، وقال الجمهور : يقبل من عدلين وحملوا الحديث على الاستحباب ، وهذا محمول على من عرف له مال فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار إلا ببينة ، وأما من لم يعرف له مال فالقول قوله في عدم المال " فحلت له المسألة " أي فسبب هذه القرائن الدالة على صدقه في المسألة صارت حلالا له " حتى يصيب قواما من عيش ، أو قال سدادا من عيش " ويختلف فاعل قال باختلاف من وقع له الشك فتأمل " فما سواهن " أي هذه الأقسام الثلاثة من المسألة يا قبيصة " سحت " بضمتين وبسكون الثاني وهو الأكثر هو الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها " يأكلها " أي يأكل ما يحصل له بالمسألة ، قاله الطيبي : والحاصل يأكل حاصلها " صاحبها سحتا " نصب على التمييز أو بدل من الضمير في يأكلها وجعله ابن حجر حالا ، قال ابن الملك : وتأنيث الضمير بمعنى الصدقة والمسألة ( رواه مسلم ) .