4972 - ( وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من إجلال الله ) أي : تعظيمه وتكريمه والمصدر مضاف إلى الفاعل أو المفعول قاله ابن الملك ، والظاهر هو الثاني ، كما هو متعين في قوله : ( إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن ) أي : وإكرام قارئه وحافظه ومفسره ( غير الغالي فيه ) : بالجر ، أي : غير المجاور عن الحد لفظا ومعنى كالموسوسين والشكاكين أو المرائين أو الخائن في لفظه بتحريفه كأكثر العوام ، بل وكثير من العلماء أو في معناه بتأويله الباطل كسائر المبتدعة . ( ولا الجافي عنه ) ، أي : وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته ، وأحكام قراءته ، وإتقان معانيه ، والعمل بما فيه ، وقيل : الغلو المبالغة في التجويد أو الإسراع في القراءة ، بحيث يمنعه عن تدبر المعنى ، والجفاء أن يتركه بعدما علمه لا سيما إذا كان نسيه ، فإنه عد من الكبائر . في النهاية ، ومنه الحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10365656اقرءوا القرآن ، ولا تجفوا عنه ، أي : تعاهدوه ، ولا تبعدوا عن تلاوته بأن تتركوا قراءته وتشتغلوا [ ص: 3115 ] بتفسيره وتأويله ، ولذا قيل : اشتغل بالعلم بحيث لا يمنعك عن العمل ، واشتغل بالعمل بحيث لا يمنعك عن العلم ، وحاصله أن كلا من طرفي الإفراط والتفريط مذموم والمحمود هو الوسط العادل ، وأقله أن يغلب عدله جوره خلافا لمن كان عكسه ، فإن البعد عنه أفضل ، ولذا قال بعض علمائنا : من قال في هذا الزمان سلطاننا عادل ، فهو كافر ، مع أنه لا يخلو كل سلطان عن نوع عدل ، وتحقيقه مبني على الفرق بين من يعدل وبين العادل ، فإن الثاني يطلق عرفا على من كان موصوفا بالعدل على طريق الدوام ، كما يقال : فلان المصلي وفلان الذي يصلي ، هذا وفي شرح السنة قال طاوس : من السنة أن توقر أربعة : العالم وذا الشيبة والسلطان والوالد . قلت : وفي معناه الوالدة ، والمراد بالعالم : هو الجامع بين العلم والعمل ، كما هو مستفاد من قوله : ( حامل القرآن ) . ولعل عدم ذكر الوالد في الحديث لظهوره وعمومه ، أو لأن الكلام في الأجانب ، فإذا كان الأب شيخا وحاملا للقرآن وسلطانا ظاهريا فيزداد إجلاله ; لأنه يجب تعظيمه من وجوه كثيرة . ( رواه أبو داود ، والبيهقي في شعب الإيمان ) . وروى الخطيب في الجامع ، عن أنس أن من الإجلال توقير الشيخ من أمتي ، ولعله من جوامع الكلم ، فإن الشيخ يطلق على ذي الشيبة والعالم والرئيس ، ومنه ما روي : الشيخ في قومه كالنبي في أمته .