أبو قتادة اسمه الحارث بن ربعي - بكسر الراء المهملة وسكون الباء
[ ص: 255 ] الموحدة وكسر العين المهملة وتشديد الياء - ابن بلدمة - بضم الباء والدال وفتحهما - مات بالمدينة سنة أربع وخمسين . وقيل مات في خلافة علي بالكوفة . وهو ابن سبعين سنة ، ويقال : سنة أربعين . وقيل : إنه كان بدريا . ولا خلاف أنه شهد أحدا وما بعدها . والكلام على هذا الحديث من وجهين :
أحدهما : النظر في هذا الحمل ووجه إباحته .
الثاني : النظر فيما يتعلق بطهارة ثوب الصبية . فأما الأول : فقد تكلموا في تخريجه على وجوه :
الوجه الثاني : أن هذا الفعل كان للضرورة . وهو مروي أيضا عن مالك وفرق بعض أتباعه بين أن تكون الحاجة شديدة ، بحيث لا يجد من يكفيه أمر الصبي ، ويخشى عليه . فهذا يجوز في النافلة والفريضة . وإن كان حمل الصبي [ ص: 256 ] في الصلاة على معنى الكفاية لأمه ، لشغلها بغير ذلك : لم يصلح إلا في النافلة . وهذا أيضا عليه من الإشكال : أن الأصل استواء الفرض والنفل في الشرائط والأركان إلا ما خصه الدليل .
الوجه الثالث : أن هذا منسوخ . وهو مروي أيضا عن مالك .
قال أبو عمر : ولعل هذا نسخ بتحريم العمل والاشتغال في الصلاة بغيرها . وقد رد هذا بأن قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=11978إن في الصلاة لشغلا } كان قبل بدر عند قدوم nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود من الحبشة . فإن قدوم زينب وابنتها إلى المدينة كان بعد ذلك ، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان فيه إثبات النسخ بمجرد الاحتمال .
الوجه الرابع : أن ذلك مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم . ذكره القاضي عياض . وقد قيل : هذا مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ لا يؤمن من الطفل البول وغير ذلك على حامله . وقد يعصم منه النبي صلى الله عليه وسلم وتعلم سلامته من ذلك مدة حمله . وهذا الذي ذكره إن كان دليلا على الخصوص فبالنسبة إلى ملابسة الصبية ، مع احتمال خروج النجاسة منها . وليس في ذلك تعرض لأمر الحمل بخصوصه الذي الكلام فيه . ولعل قائل هذا لما أثبت الخصوصية في الحمل بما ذكره - من اختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم بجواز علمه بعصمة الصبية من البول حالة الحمل - تأنس بذلك . فجعله مخصوصا بالعمل الكثير أيضا . فقد يفعلون ذلك في الأبواب التي ظهرت خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم فيها ، ويقولون : خص بكذا في هذا الباب . فيكون هذا مخصوصا . إلا أن هذا ضعيف من وجهين :
أحدهما : أنه لا يلزم من الاختصاص في أمر : الاختصاص في غيره بلا دليل . فلا يدخل القياس في مثل هذا . والأصل عدم التخصيص .
الثاني : أن الذي قرب دعواه الاختصاص لجواز الحمل : هو ما ذكره من جواز اختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم بالعلم بالعصمة من البول .
وهذا معنى مناسب لاختصاصه بجواز ملابسته للصبية في الصلاة . وهو معدوم فيما نتكلم فيه من أمر الحمل بخصوصه . فالقول بالاختصاص فيه قول بلا علة تناسب الاختصاص .
الوجه الخامس : حمل هذا الفعل على أن تكون أمامة في تعلقها بالرسول صلى الله عليه وسلم وتأنسها به ، كانت تتعلق به بنفسها فيتركها فإذا أراد السجود وضعها : [ ص: 257 ] فإذن الفعل الصادر منه : إنما هو الوضع لا الرفع ، فيقل العمل الذي توهم من الحديث . ولقد وقع لي أن هذا حسن . فإن لفظة " وضع " لا تساوي " حمل " في قضاء فعل الفاعل . فإنا نقول لبعض الحوامل " حمل كذا " وإن لم يكن هو فعل الحمل . ولا يقال " وضع " إلا بفعل حتى نظرت في بعض طرق الحديث الصحيحة . فوجدت فيه " فإذا قام أعادها " وهذا يقتضي الفعل ظاهرا .
الوجه السادس : وهو معتمد بعض مصنفي أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو أن العمل الكثير إنما يفسد إذا وقع متواليا ، وهذه الأفعال قد لا تكون متوالية . فلا تكون مفسدة . والطمأنينة في الأركان - لا سيما في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم - تكون فاصلة . ولا شك أن مدة القيام طويلة فاصلة . وهذا الوجه إنما يخرج به إشكال كونه عملا كثيرا ، ولا يتعرض لمطلق الحمل .
وأما الوجه الثاني : وهو النظر إلى الإشكال من حيث الطهارة - فهو يتعلق بمسألة تعارض الأصل والغالب في النجاسات . ورجح هذا الحديث العمل بالأصل وصح في كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إشارة إلى هذا . قال رحمه الله : وثوب أمامة ثوب صبي ويرد على هذا أن هذه حالة فردة .
والثاني يعتادون تنظيف الصبيان في بعض الأوقات ، وتنظيف ثيابهم عن الأقذار . وحكايات الأحوال لا عموم لها ، فيحتمل أن يكون هذا وقع في تلك الحالة التي وقع فيها التنظيف . والله أعلم . وقوله " nindex.php?page=showalam&ids=9920ولأبي العاص بن الربيع " هذا هو الصحيح في نسبه عند أهل النسب . ووقع في رواية مالك لأبي العاص بن ربيعة " فقال بعضهم : هو جد له . وهو أبو العاص بن الربيع بن ربيعة ، فنسب في رواية مالك إلى جده . وهذا ليس بمعروف . ومنهم من استدل بالحديث على أن لمس المحارم أو من لا يشتهى : غير ناقض للطهارة وأجيب عنه بأنه يحتمل أن يكون من وراء حائل ، وهذا يستمد مما ذكرناه من أن حكايات الحال لا عموم لها .