استعمل " الخسوف " في الشمس كما تقدم . وقوله " فزعا يخشى أن تكون الساعة " فيه إشارة إلى ما ذكرنا من دوام المراقبة لفعل الله ، وتجريد الأسباب العادية عن تأثيرها لمسبباتها . وفيه دليل على جواز الإخبار بما يوجب الظن من شاهد الحال ، حيث قال " فزعا يخشى أن تكون الساعة " مع أن الفزع محتمل أن يكون لذلك ، ومحتمل أن يكون لغيره ، كما خشي صلى الله عليه وسلم من الريح : أن تكون ريح قوم عاد . ولم يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان سبب خوفه . فالظاهر أنه بنى على شاهد الحال أو قرينة دلته عليه . وقوله " كأطول قيام وركوع وسجود " دليل على تطويله السجود في هذه الصلاة وهو الذي قدمنا أن أبا موسى رواه . وفي الحديث دليل على أن سنة صلاة الكسوف في المسجد . وهو المشهور عن العلماء . وبعض أصحاب مالك بين المسجد والصحراء . والصواب المشهور : الأول . فإن هذه الصلاة تنتهي بالانجلاء : وذلك مقتض لأن يعتنى بمعرفة ومراقبة حال الشمس في الانجلاء . فلولا أن المسجد راجح لكانت الصحراء أولى ، لأنها أقرب إلى إدراك حال الشمس في الانجلاء أو عدمه . وأيضا فإنه يخاف من تأخيرها فوات إقامتها بأن يشرع الانجلاء قبل اجتماع الناس وبروزهم . وقد تقدم الكلام على قوله عليه السلام ، { nindex.php?page=hadith&LINKID=31499لا يخسفان لموت أحد ولا [ ص: 357 ] لحياته } وأنه رد على من اعتقد ذلك . وفي قوله " فافزعوا " إشارة إلى المبادرة إلى ما أمر به ، وتنبيه على الالتجاء إلى الله تعالى عند المخاوف بالدعاء والاستغفار . وإشارة إلى أن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة أيضا ، وأن الاستغفار والتوبة سببان للمحو ، يرجى بهما زوال المخاوف .