اختلفوا في ركوب البدنة المهداة على مذاهب . فنقل عن بعضهم : أنه أوجب ذلك ; لأن صيغة الأمر وردت به ، مع ما ينضاف إلى ذلك من مخالفة سيرة الجاهلية ، من مجانبة السائبة والوصيلة والحامي وتوقيها . ورد على هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يركب هديه ، ولا أمر الناس بركوب الهدايا . ومنهم من قال : يركبها مطلقا من غير اضطرار ، تمسكا بظاهر هذا الحديث ومنهم من قال : لا يركبها إلا عند الحاجة ، فيركبها من غير إضرار . وهذا المنقول من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ; لأنه جاء في الحديث " اركبها إذا احتجت إليها " فحمل ذلك المطلق على المقيد . ومنهم من منع من ركوبها إلا لضرورة .
وقوله " ويلك " كلمة تستعمل في التغليظ على المخاطب . وفيها ههنا وجهان :
أحدهما : أن تجري على هذا المعنى . وإنما استحق صاحب البدنة ذلك لمراجعته وتأخر امتثاله لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . لقول الراوي " في الثانية أو الثالثة " [ ص: 466 ]
والثاني : أن لا يراد بها موضوعها الأصلي . ويكون مما جرى على لسان العرب في المخاطبة من غير قصد لموضوعه . كما قيل في قوله عليه السلام " تربت يداك " و " أفلح وأبيه إن صدق " وكما في قول العرب " ويله " ونحوه . ومن يمنع ركوب البدنة من غير حاجة : يحمل هذه الصورة على ظهور الحاجة إلى ركوبها في الواقعة المعينة .