أحدها : أن طواف الإفاضة لا بد منه ، وأن المرأة إذا حاضت لا تنفر حتى تطوف . لقوله صلى الله عليه وسلم " أحابستنا هي ؟ " فقيل : " إنها قد أفاضت - إلى آخره " فإن سياقه يدل على أن عدم طواف الإفاضة موجب للحبس . [ ص: 480 ]
وثالثها : قوله " عقرى " مفتوح العين ، ساكن القاف ، و " حلقى " مفتوح الحاء ، ساكن اللام . والكلام في هاتين اللفظتين من وجوه : منها : ضبطهما . فالمشهور عن المحدثين - حتى لا يكاد يعرف غيره - أن آخر اللفظتين ألف التأنيث المقصورة من غير تنوين . وقال بعضهم " عقرا حلقا " بالتنوين ; لأنه يشعر أن الموضع موضع دعاء . فأجراه مجرى كلام العرب في الدعاء بألفاظ المصادر . فإنها منونة . كقولهم سقيا ورعيا ، وجدعا ، وكيا " ورأي أن " عقرى " بألف التأنيث نعت لا دعاء . والذي ذكره المحدثون صحيح أيضا .
ومنها : ما تقتضيه هاتان اللفظتان . فقيل " عقرى " بمعنى : عقرها الله . وقيل : عقر قومها . وقيل : جعلها عاقرا ، لا تلد . وأما " حلقى " فإما بمعنى حلق شعرها ، أو بمعنى أصابها وجع في حلقها ، أو بمعنى تحلق قومها بشؤمها .
ومنها : أن هذا من الكلام الذي كثر في لسان العرب ، حتى لا يراد به أصل موضوعه . كقولهم : تربت يداك . وما أشعره قاتله الله . وأفلح وأبيه ، إلى غير ذلك من الألفاظ التي لا يقصد أصل موضوعها لكثرة استعمالها .