أحدهما : المفهوم ، فإن قوله جعل الشفعة فيما لم يقسم " يقتضي : أن لا شفعة فيما قسم . وقد ورد في بعض الروايات { nindex.php?page=hadith&LINKID=12438إنما الشفعة } وهو أقوى في الدلالة . لا سيما إذا جعلنا " إنما " دالة على الحصر بالوضع ، دون المفهوم .
والوجه الثاني : قوله فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة " وهذا اللفظ الثاني : يقتضي ترتيب الحكم على مجموع أمرين : وقوع الحدود ، وصرف الطرق . وقد يقول قائل . ممن يثبت الشفعة للجار : إن المرتب على أمرين لا يلزم ترتبه على أحدهما . وتبقى دلالة المفهوم الأول مطلقة ، وهو قوله " إنما الشفعة فيما لم يقسم " فمن قال بعدم ثبوت الشفعة : تمسك بها ، ومن خالفه : يحتاج إلى إضمار قيد آخر ، يقتضي اشتراط أمر زائد ، وهو صرف الطرق مثلا ، وهذا الحديث يستدل به ، ويجعل مفهومه مخالفة الحكم عند انتفاء الأمرين معا : وقوع الحدود ، وصرف الطرق . وقد يستدل بالحديث على مسألة اختلف فيها ، وهو أن الشفعة هل تثبت فيما لم يقبل القسمة أم لا ؟ فقد يستدل به من يقول : لا تثبت الشفعة فيه ; لأن هذه [ ص: 535 ] الصيغة في النفي تشعر بالقبول ، فيقال للبصير : لم يبصر كذا . ويقال للأكمه : لا يبصر كذا ، وإن استعمل أحد الأمرين في الآخر فذلك للاحتمال . فعلى هذا : يكون في قوله " فيما لم يقسم إشعار بأنه قابل للقسمة . فإذا دخلت " إنما " المعطية للحصر : اقتضت انحصار الشفعة في القابل . وقد ذهب شذاذ من الناس إلى ثبوت الشفعة في المنقولات واستدل بصدر الحديث من يقول بذلك ، إلا أن آخره وسياقه : يشعر بأن المراد به العقار ، وما فيه الحدود وصرف الطرق .