" العمرى " لفظ مشتق من العمر وهي تمليك المنافع أو إباحتها مدة العمر ، وهي على وجوه :
أحدها : أن يصرح بأنها للمعمر ولورثته من بعده ، فهذه هبة محققة ، يأخذها الورثة بعد موته .
وثانيهما : أن يعمرها ، ويشترط الرجوع إليه بعد موت المعمر وفي صحة هذه العمرى خلاف ، لما فيها من تغيير وضع الهبة .
وثالثها : أن يعمرها مدة حياته ، ولا يشترط الرجوع إليه ، ولا التأبيد ، بل يطلق وفي صحتها : خلاف مرتب على ما إذا شرط الرجوع إليه ، وأولى ههنا بأن تصح ، لعدم اشتراط شرط يخالف مقتضى العقد والذي ذكر في الحديث ، من بعد قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=14649قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى } يحتمل أن يحمل على صورة الإطلاق ، وهو أقرب إذ ليس في اللفظ تقييد ، ويحتمل أن يحمل الصورة الثانية وهو مبين بالكلام بعد ، في الرواية الأخرى ويحتمل أن يحمل على جميع الصور ، إذا قلنا : إن مثل هذه الصيغة من الراوي : تقتضي العموم ، وفي ذلك خلاف بين أرباب الأصول ، وقوله " لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث " يريد : أنها التي شرط فيها له ولعقبه ويحتمل أن يكون المراد : صورة الإطلاق ، ويؤخذ كونه وقعت فيه [ ص: 542 ] المواريث من دليل آخر ، وهذا الذي قاله جابر : تنصيص على أن المراد بالحديث صورة التقييد بكونها له ولعقبه .
وقوله " إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي أمضاها ، وجعلها للعقب لا تعود وقد نص على أنه إذا أطلق هذه العمرى : أنها ترجع وهو تأويل منه ، ويجوز من حيث اللفظ : أن يكون رواه ، أعني قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=12447إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول : هي لك ولعقبك } فإن كان مرويا ، فلا إشكال في العمل به ، وإن لم يكن مرويا ، فهذا يرجع إلى تأويل الصحابي الراوي ، فهل يكون مقدما ، من حيث إنه قد تقع له قرائن تورثه العلم بالمراد ، ولا يتفق تعبيره عنها ؟