" الباءة " النكاح ، مشتق من اللفظ الذي يدل على الإقامة والنزول ، و " الباءة " المنزل فلما كان الزوج ينزل بزوجته : سمي النكاح " باءة " لمجاز الملازمة واستطاعة النكاح : القدرة على مؤنة المهر والنفقة .
وفيه دليل على أنه لا يؤمر به إلا القادر على ذلك وقد قالوا : من لم يقدر عليه ، فالنكاح مكروه في حقه ، وصيغة الأمر ظاهرة في الوجوب .
وقد قسم الفقهاء النكاح إلى الأحكام الخمسة ، أعني الوجوب : والندب ، والتحريم ، والكراهة ، والإباحة وجعل الوجوب فيما إذا خاف العنت ، وقدر على النكاح ، إلا أنه لا يتعين واجبا ، بل إما هو ، وإما التسري فإن تعذر التسري تعين النكاح حينئذ للوجوب ، لا لأصل الشرعية .
وقد يتعلق بهذه الصيغة من يرى أن النكاح أفضل من التخلي لنوافل [ ص: 553 ] العبادات هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه .
وقوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=23781فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج } يحتمل أمرين أحدهما : أن تكون " أفعل " فيه مما استعمل لغير المبالغة والثاني : أن تكون على بابها ، فإن التقوى سبب لغض البصر ، وتحصين الفرج وفي معارضتها : الشهوة ، والداعي إلى النكاح وبعد النكاح : يضعف هذا المعارض فيكون أغض للبصر ، وأحصن للفرج مما إذا لم يكن فإن وقوع الفعل - مع ضعف الداعي إلى وقوعه - أندر من وقوعه مع وجود الداعي . والحوالة على الصوم لما فيه كسر الشهوة فإن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل ، تقوى بقوتها ، وتضعف بضعفها .
وقد قيل في قوله " فعليه بالصوم " بأنه إغراء للغائب ، وقد منعه قوم من أهل العربية و " الوجاء " الخصاء وجعل وجاء : نظرا إلى المعنى فإن الوجاء قاطع للفعل وعدم الشهوة قاطع له أيضا ، وهو من مجاز المشابهة .
وإخراج الحديث لمخاطبة الشباب : بناء على الغالب ; لأن أسباب قوة الداعي إلى النكاح فيه موجودة ، بخلاف الشيوخ ، والمعنى معتبر إذا وجد في الكهول والشيوخ أيضا