[ علو الإسناد بقدم الوفاة ] :
فأول أقسام علو الصفة ، وهو الرابع : (
علو ) الإسناد بسبب ( قدم الوفاة ) في أحد رواته بالنسبة لراو آخر متأخر الوفاة عنه اشترك معه
[ ص: 353 ] في الرواية عن شيخه بعينه ، فسماعنا مثلا
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ممن رواه لنا عن
البهاء أبي البقاء السبكي والتقي ابن حاتم أو
النجم بن رزين أو
الصلاح الزفتاوي أو غيرهم ممن هو في طبقتهم أعلى منه ممن رواه لنا عن
عائشة ابنة ابن عبد الهادي ، وإن اشترك الجميع في روايتهم له عن
الحجار ; لتأخر وفاة
عائشة عن الجميع .
وكذا سماعنا
لمسلم ممن رواه لنا عن
التقي ابن حاتم أو
النجم البالسي أو
التقي الدجوي أو غيرهم ممن هو في طبقتهم أعلى منه ممن رواه لنا عن
الشرف ابن الكويك ، وإن اشترك الجميع في روايتهم له عن
الزين عبد الرحمن بن عبد الهادي ; لتأخر وفاة
ابن الكويك عن الجميع .
ومثل له
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح بأن روايته عن شيخ عن آخر عن
البيهقي عن
الحاكم أعلى من روايته عن شيخ عن آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13123أبي بكر بن خلف عن
الحاكم ، وإن تساوى الإسنادان في العدد ; لتقدم وفاة
البيهقي [ ص: 354 ] على
ابن خلف ،
فالبيهقي مات في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ( 458 ه ) ، والآخر مات في سنة سبع وثمانين وأربعمائة ( 487 ه ) .
وممن صرح بهذا القسم في العلو
nindex.php?page=showalam&ids=14251أبو يعلى الخليلي في ( الإرشاد ) ، فقال : قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم موت راويه ، وإن كانا متساويين في العدد .
وكذا صرح به
nindex.php?page=showalam&ids=13312ابن طاهر في تصنيفه المشار إليه ، ومثله برواية
الحسن عن
أنس ; لحديث أنه صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=930044كان يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة ; فإنها أعلى من رواية
حميد عنه ; لأن وفاة
الحسن كانت في رجب سنة عشر ومائة ، ووفاة
حميد في سنة ثلاث وأربعين ومائة .
قال : فلا يكون الإسناد إلى
الحسن مثل الإسناد إلى
حميد ، وإن استويا في الرتبة ، بل الطريق إلى
الحسن أعلى وأجل . قال : ثم إن الراوي لهذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16874الحسن هو المبارك بن فضالة ، وتوفي في سنة ست وستين ومائة ، والراوي له عن
حميد هو يزيد بن هارون ، وتوفي في سنة ست ومائتين .
قال : وقد يقع في طبقات المتأخرين ما هو أعجب من هذا ; فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حدث في كتابه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12915أحمد بن أبي داود أبي جعفر المنادي ، واسمه - على المعتمد -
محمد لا
أحمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة بحديث ، أنه صلى الله عليه وسلم قال
لأبي : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930045إن الله أمرني أن أقرأ عليك ) ، وحدث به بعينه
nindex.php?page=showalam&ids=12763أبو عمرو بن السماك عن
أبي جعفر المنادي ، وبين وفاتيهما ثمان وثمانون سنة .
nindex.php?page=showalam&ids=12070فالبخاري كانت وفاته في سنة ست وخمسين ومائتين ، وتأخر شيخه المذكور بعده أربعة عشرة سنة حتى سمع منه
nindex.php?page=showalam&ids=12762ابن السماك ، ثم كانت وفاة
nindex.php?page=showalam&ids=12762ابن السماك في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة . فهما - وإن اجتمعا في المنزلة - فقد افترقا
[ ص: 355 ] في الجلالة وقدم السماع ، فلا يكون الطريق إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كالطريق إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12762ابن السماك .
ومقتضى ما تقرر أن المتقدم الوفاة يكون حديثه أعلى ، سواء تقدم سماعه أو اقترن أو تأخر ، وإن كان في المتأخر يندر وقوعه كما سيأتي في الذي بعده ; لأن المتقدم الوفاة يعز وجود الرواة عنه بالنظر لمتأخرها ، فيرغب في تحصيل مرويه لذلك .
على أن
nindex.php?page=showalam&ids=12453ابن أبي الدم قد نازع في أصل هذا القسم ، وقال : يلزم على هذا أنه إذا روى صحابيان عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم رواه عن كل منهما جماعة ، واتصلت سلسلة كل جماعة بمن روى عنه ، وتساوى الصحابيان مع العدالة في بقية الصفات ، وتساوى الإسناد في العدد وصفات الرواة ، إلا أن أحد الصحابيين توفي قبل الآخر ، أن إسناد من تقدمت وفاته أعلى من إسناد من تأخرت وفاته . قال : وهذا لم أجده منقولا كذلك ، وهو لازم لا محالة . انتهى .
والظاهر أن
ابن دقيق العيد أيضا لم يرتضه ; فإنه لم يذكره في ( الاقتراح ) ، وكذا لم يذكر شيخنا في ( توضيح النخبة ) ، ثم إن هذا كله في العلو المبتنى على تقدم الوفاة المستفاد من نسبة شيخ إلى شيخ ، وقياس راو براو .