[ ص: 3 ] بســم الله الرحمن الرحيم (
الغريب والعزيز والمشهور )
748 - وما به مطلقا الراوي انفرد فهو الغريب وابن منده فحد 749 - بالانفراد عن إمام يجمع
حديثه فإن عليه يتبع 750 - من واحد واثنين فالعزيز أو
فوق فمشهور وكل قد رأوا 751 - منه الصحيح والضعيف ثم قد
يغرب مطلقا أو اسنادا فقد 752 - كذلك المشهور أيضا قسموا
لشهرة مطلقة كـ " المسلم 753 - من سلم " الحديث والمقصور
على المحدثين من مشهور 754 - قنوته بعد الركوع شهرا
ومنه ذو تواتر مستقرا 755 - في طبقاته كمتن من كذب
ففوق ستين رووه والعجب 756 - بأن من رواته للعشره
وخص بالأمرين فيما ذكره 757 - الشيخ عن بعضهم قلت : بلى
مسح الخفاف وابن منده إلى 758 - عشرتهم رفع اليدين نسبا
ونيفوا عن مائة من كذبا
( الغريب والعزيز والمشهور ) ورتبت بالترقي مع تقديم
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح لآخرها في نوع مستقل ، ثم إردافه بالآخرين في آخر . وكان الأنسب تقديمها إلى الأنواع السابقة ، وضم الغريب إلى الأفراد ، ولكن لكونه أملى كتابه شيئا فشيئا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب . وتبعه في ترتيبه غالب من اقتفى أثره .
[
تعريف الغريب وأنواعه ] : ( وما به ) ; أي : بالمروي الذي به ، ( مطلقا ) ; أي : عن إمام يجمع حديثه أو لا ، ( الراوي ) الذي رواه ، ( انفرد ) عن كل أحد من الثقات وغيرهم . إما بجميع المتن ; كحديث النهي عن بيع الولاء وهبته ; فإنه لم يصح إلا من
[ ص: 4 ] حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930049السفر قطعة من العذاب ) ; فإنه لم يصح إلا من جهة
مالك عن
سمي ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، فيما ذكر غير واحد من الأئمة . لكن الغرابة فيه منتقضة برواية
أبي مصعب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز الدراوردي ، عن
سهيل ، عن أبيه
أبي صالح ، وهي صحيحة . بل وبطريق
عصام بن رواد عن أبيه ، عن
مالك ، عن
ربيعة ، عن
القاسم ، عن
عائشة ، ولكنها ضعيفة ، أو ببعضه .
وذلك إما في المتن أو في السند ، فالأول بأن يأتي في متن رواه غيره بزيادة ; كحديث زكاة الفطر ، حيث قيل مما هو منتقد أيضا : إن
مالكا تفرد عن سائر من رواه من الحفاظ بقوله : ( من المسلمين ) . أو كحديث
أم زرع ; حيث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في ( الكبير ) من رواية
الدراوردي nindex.php?page=showalam&ids=16292وعباد بن منصور ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة ، فجعلاه مرفوعا كله ، وإنما المرفوع منه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=930050كنت لك كأبي زرع لأم زرع ) .
والثاني : كحديث
أم زرع أيضا فالمحفوظ فيه رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس وسعيد بن سلمة بن أبي حسام ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أخيه
nindex.php?page=showalam&ids=16450عبد الله بن عروة ، عن أبيهما ، عن
عائشة . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث
الدراوردي وعباد كما
[ ص: 5 ] أشرنا إليه عن
هشام ، بدون واسطة أخيه .
( فهو ) أي : ما حصل التفرد به بوجه من هذه الأوجه ، ( الغريب ) ، كما أشار إليه
الترمذي في آخر كتابه ، وخصه
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري بالثقة .
قال بعض المتأخرين : وكأنه نظر إلى أن كثرة المروي إذ ذاك عن غير الثقات . ( و ) أما
أبو عبد الله ( ابن منده ) بالصرف للضرورة ، ( فحد ) ه ( بالانفراد ) ، يعني : على الوجه المشروح أولا ، لكن ( عن إمام ) من الأئمة ;
nindex.php?page=showalam&ids=12300كالزهري وقتادة وغيرهما ممن ( يجمع حديثه ) . والحاصل أن الغريب على قسمين : مطلق ، ونسبي ; كما ستأتي الإشارة إليه . وحينئذ فهو والأفراد كما سلف في بابها على حد سواء ، فلم حصلت المغايرة بينهما ؟ .
ولذلك قال بعض المتأخرين : إن الأحسن في تعريفه ما قاله
الميانشي : وإنه ما شذ طريقه ولم يعرف راويه بكثرة الرواية ، وحينئذ فهو أخص من ذاك ; لعدم التقييد في راويه بما ذكر .
وعرفه
الشهاب الخوي بأنه ما يكون متنه أو بعضه فردا عن جميع رواته ، فينفرد به الصحابي ، ثم التابعي ، ثم تابع التابعي ، وهلم جرا . أو ما يكون مرويا بطرق عن جماعة من الصحابة ، وينفرد به عن بعضهم تابعي أو بعض رواته .
وهذا يحتمل أن يكون
الغريب عنده أيضا على قسمين : مطلق ومقيد . ويكون افتراق أولهما عن الفرد بالنظر لوقوع التفرد في سائر طباقه ، فهو أخص أيضا .
ويحتمل التردد بين التعريفين ، لكن قد فرق بينهما شيخنا بعد قوله : إنهما مترادفان لغة
[ ص: 6 ] واصطلاحا ، بأن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته ، فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق ، وهو الحديث الذي لا يعرف إلا من طريق ذلك الصحابي ، ولو تعددت الطرق إليه ، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي ، قال : وهذا من إطلاق الاسم عليهما . وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون ، فيقولون في النسبي : تفرد به فلان ، أو أغرب به فلان . انتهى .
على أن
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح أشار إلى افتراقهما في بعض الصور ، فقال : وليس كل ما يعد من أنواع الأفراد معدودا من أنواع الغريب ; كما في الأفراد المضافة إلى البلاد .
قلت : إلا أن يريد بقوله : انفرد به أهل البصرة مثلا واحدا من أهلها ، فهو الغريب ، وربما يسمى كل من قسمي الغريب ضيق المخرج .
قال
الحاكم في الحديث الذي أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب الصلاة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16707عمرو بن زرارة ، عن
عبد الواحد بن واصل أبي عبيدة الحداد ، عن
عثمان بن أبي رواد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : ( دخلت على
أنس بدمشق وهو يبكي ، فقال : ( لا أعرف شيئا فيما أدركت إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاة قد ضيعت ) : هو أضيق حديث في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، سألني عنه
أبو عبد الله بن أبي ذهل - يعني أحد مشايخه - فأخرجته له ، فسمعه - يعني : سمعه شيخه منه - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16612علي بن حمشاذ ، عن
أحمد بن سلمة ، عن
عمرو ، وكأن ضيقه مخصوص برواية
الحداد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16374ابن أبي رواد ، وإلا فقد علقه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عقب
[ ص: 7 ] تخريجه للرواية الأولى من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13853محمد بن بكر البرساني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16374ابن أبي رواد ، ومن طريق
البرساني وصله
الإسماعيلي في مستخرجه ،
وابن أبي خيثمة في تاريخه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13654وأحمد بن علي الأبار في جمعه لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، ومن طريقه رواه
أبو نعيم في ( المستخرج ) .
إذا علم هذا فقد قال بعضهم : الغريب من الحديث على وزان الغريب من الناس ، فكما أن غربة الإنسان في البلد تكون حقيقة بحيث لا يعرفه فيها أحد بالكلية ، وتكون إضافية بأن يعرفه البعض دون البعض ، ثم قد يتفاوت معرفة الأقل منهم تارة والأكثر أخرى ، وقد يستويان ، وكذا الحديث .