صفحة جزء
18261 وعن ابن عباس قال : خرج أبو بكر بالهاجرة فسمع بذاك عمر ، فخرج فإذا هو بأبي بكر، فقال : يا أبا بكر ، ما أخرجك هذه الساعة ؟ ! فقال : أخرجني والله ، ما أجد من حاق الجوع في بطني ، فقال : أنا والله ، ما أخرجني غيره .

فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما أخرجكما هذه الساعة ؟ " . فقالا : أخرجنا والله ، ما نجد في بطوننا من حاق الجوع . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " وأنا والذي نفسي بيده ، ما أخرجني غيره " . فقاموا فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري ، وكان أبو أيوب ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما أو لبنا ، فأبطأ يومئذ فلم يأت لحينه فأطعمه أهله ، وانطلق إلى نخله يعمل فيه ، فلما أتوا باب أبي أيوب خرجت امرأته فقالت : مرحبا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبمن معه ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فأين أبو أيوب ؟ " . قالت : يأتيك يا نبي الله الساعة ، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبصر به أبو أيوب ، وهو يعمل في نخل له ، فجاء يشتد حتى أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : مرحبا بنبي الله - صلى الله عليه وسلم - وبمن معه . فقال : يا رسول الله ، ليس بالحين الذي كنت [ ص: 318 ] تجيئني فيه فرده . فجاء إلى عذق النخلة فقطعه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أردت إلى هذا ؟ " . قال : يا رسول الله ، أردت أن تأكل من رطبه ، وبسره ، وتمره ، وتذنوبه ، ولأذبحن لك مع هذا . قال : " إن ذبحت فلا تذبحن ذات ذر " . فأخذ عناقا ، أو جديا فذبحه ، وقال لامرأته : اختبزي ، وأطبخ أنا ، فأنت أعلم بالخبز . فعمد إلى نصف الجدي فطبخه ، وشوى نصفه ، فلما أدرك الطعام ، وضعه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجدي فوضعه على رغيف ، ثم قال : " يا أبا أيوب ، أبلغ بهذا إلى فاطمة ; فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام " . فلما أكلوا وشبعوا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
خبز ، ولحم ، وبسر ،وتمر ورطب " . ودمعت عيناه ، ثم قال : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة " . فكبر ذلك على أصحابه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أصبتم مثل هذا ، وضربتم بأيديكم ، فقولوا : بسم الله ، وبركة الله ، فإذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي أشبعنا وأزوانا وأنعم وأفضل ، فإن هذا كفاف بهذا " .

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأتي أحد إليه معروفا إلا أحب أن يجازيه ، فقال لأبي أيوب : " ائتنا غدا " . فلم يسمع ، فقال له عمر : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تأتيه ، فلما أتاه أعطاه وليدة ، فقال : " يا أبا أيوب ، استوص بها خيرا ; فإنا لم نر إلا خيرا ما دامت عندنا " . فلما جاء بها أبو أيوب قال : ما أجد لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا من أن أعتقها ، فأعتقها
. رواه الطبراني في الصغير والأوسط ، وفيه عبد الله بن كيسان المروزي ، وقد وثقه ابن حبان ، وضعفه غيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية