الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            18262 وعن أبي هريرة قال : حدثني أبو بكر بن أبي قحافة ، قال : فاتني العشاء ذات ليلة ; فجعلت أتقلب لا يأتيني النوم ، فقلت : لو خرجت إلى المسجد فصليت ما قدر لي ، ففعلت ، ثم استندت إلى ناحية منه ، فدخل عمر ، فلما رآني أنكرني ، فقال : من هذا ؟ قلت : أبو بكر . فقال : ما أخرجك هذه الساعة ؟ ! قلت : الجوع . قال : وأنا أخرجني الذي أخرجك ، فلم نلبث أن دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى سوادنا أنكره فقال من هذان ؟ فبدرني عمر فقال : هذا أبو بكر وهذا عمر فقال : " ما أخرجكما هذه الساعة ؟ ! " . فأخبرناه الخبر . فقال : " وأنا ما أخرجني إلا الذي أخرجكما ، انطلقا بنا إلى الواقفي " . فأتينا الباب ، فاستأذنا فخرجت المرأة ، قال : " أين فلان ؟ " . قالت : ذهب يستعذب من حش بني حارثة ، ففتحت الباب ، فدخلنا فلم نلبث أن جاء قد ملأ قربة على ظهره ، علقها على كرنفة من كرانيف النخل ، ثم أقبل إلينا ، فقال : مرحبا وأهلا ، ما زار الناس خير من زور زاروني الليلة ، ثم جاء بعذق بسر ، فجعلنا ننتقي في القمر ، ونأكل ، ثم أخذ الشفرة وجال في الغنم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياك والحلوب ، أو ذات الدر " . فذبح لنا شاة ، وسلخها ، وقطعها في القدر ، وأمر المرأة فعجنت وخبزت ، ثم جاء بثريدة ولحم فأكلنا . [ ص: 319 ] ثم قام إلى القربة وقد تخفقتها الريح فبردت ، فسقانا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الحمد لله الذي أخرجنا لم يخرجنا إلا الجوع ، ثم لم نرجع حتى أصبنا هذا ، هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة " . ثم قال للواقعي : " أما لك خادم يكفيك هذا ؟ " . قال : لا يا رسول الله . قال : " فانظر أول سبي يأتيني فائتني آمر لك بخادم " .

                                                                                            فلم يلبث أن أتاه سبي ، فأتاه فقال : " ما جاء بك ؟ " . قال : موعدك الذي وعدتني ، قال : " قم ، فاختر منهم " . قال : يا رسول الله ، كن أنت الذي تختار لي ، قال : " خذ هذا الغلام ، وأحسن إليه " . فأتى امرأته فأخبرها بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما قال له ، فقالت : فقد أمرك أن تحسن إليه ; فأحسن إليه ، فقال : وما الإحسان ؟ قالت : أن تعتقه . قال : فهو حر لوجه الله
                                                                                            .

                                                                                            قلت : روى ابن ماجه طرفا منه في ذبح ذوات الدر . رواه الطبراني ، ورواه أبو يعلى أتم منه ، وفيه يحيى بن عبيد الله بن موهب ، وقد ضعفه الجمهور ووثق ، وبقية رجاله ثقات .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية