نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
( ولا تجبر الأم عليه ) ; لأنها عست تعجز عن الحضانة ( فإن لم تكن له أم فأم الأم أولى من أم الأب وإن بعدت ) [ ص: 547 ] لأن هذه الولاية تستفاد من قبل الأمهات ( فإن لم تكن أم الأم ، فأم الأب أولى من الأخوات ) ; لأنها من الأمهات ، ولهذا تحرز ميراثهن السدس ولأنها أوفر للولاد . [ ص: 548 ] ( فإن لم تكن له جدة فالأخوات أولى من العمات والخالات ) ; لأنهن بنات الأبوين ، ولهذا قدمن في الميراث ، وفي رواية : الخالة أولى من الأخت لأب لقوله عليه الصلاة والسلام : { الخالة والدة }وقيل في قوله تعالى: { ورفع أبويه على العرش }إنها كانت خالته ( وتقدم الأخت لأب وأم ) ; لأنها أشفق ( ثم الأخت من الأم ثم الأخت من الأب ) ; لأن الحق لهن من قبل الأم ( ثم الخالات أولى من العمات ) ترجيحا لقرابة الأم ( وينزل كما نزلنا الأخوات ) معناه ترجيح ذات قرابتين ثم قرابة الأم ( ثم العمات ينزلن كذلك ، وكل من [ ص: 549 ] تزوجت من هؤلاء يسقط حقها ) لما روينا ولأن زوج الأم إذا كان أجنبيا يعطيه نزرا وينظر إليه شزرا فلا نظر ، قال : ( إلا الجدة إذا كان زوجها الجد ) ; لأنه قام مقام أبيه ، فينظر له ( وكذلك كل زوج هو ذو رحم محرم عنه ) لقيام الشفقة نظرا إلى القرابة القريبة . ( ومن سقط حقها بالتزوج يعود إذا ارتفعت الزوجية ) ; لأن المانع قد زال ( فإن لم تكن للصبي امرأة من أهله فاختصم فيه الرجال فأولاهم أقربهم تعصيبا ) ; لأن الولاية للأقرب ، وقد عرف الترتيب في موضعه غير أن الصغيرة لا تدفع إلى عصبة غير محرم كمولى العتاقة وابن العم تحرزا عن الفتنة .


[ ص: 548 ] الحديث الثاني : قال عليه السلام : { الخالة والدة }; قلت : روي من حديث علي ; ومن حديث أبي مسعود ; ومن حديث أبي هريرة .

أما حديث علي : فرواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، وهبيرة بن يريم عن { علي قال : لما خرجنا من مكة أتتنا بنت حمزة تنادي : يا عم يا عم ، فتناولتها بيدها ، فدفعتها إلى فاطمة ، فقلت : دونك بنت عمك ، فلما قدمنا المدينة اختصمنا فيها : أنا ، وجعفر ، وزيد بن حارثة ، فقال : جعفر بنت عمي ، وخالتها عندي يعني أسماء بنت عميس وقال زيد : بنت أخي ، وقلت : أنا أخذتها ، وهي ابنة عمي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي ، وأما أنت يا علي ، فمني وأنا منك ، وأما أنت يا زيد ، فأخونا ومولانا ، والجارية عند خالتها ، فإن الخالة والدة ; قلت : يا رسول الله ألا تتزوجها ؟ قال : ابنة أخي من الرضاعة ، }انتهى .

ورواه أحمد في " مسنده " ، والحديث رواه البخاري في " صحيحه " عن البراء بلفظ : { الخالة بمنزلة الأم }; ورواه أبو داود من حديث علي بلفظ : { الخالة أم }; فالبخاري أخرجه في " الشهادات " ، وفي " غزوة خيبر في باب عمرة القضاء " عن أبي إسحاق عن البراء ، قال : { اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة ، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام ، إلى أن قال : فلما دخلها [ ص: 549 ] ومضى الأجل أتوا عليا ، فقالوا له : قل لصاحبك : اخرج عنا ، فقد مضى الأجل ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة : يا عم يا عم ، فتناولها علي ، فأخذ بيدها ، وقال لفاطمة : دونك ابنة عمك ، فاختصم فيها علي ، وزيد ، وجعفر ، فقال علي : أنا أحق بها ، وهي ابنة عمي ، وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي ، وقال زيد : ابنة أخي ، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها ، وقال : الخالة بمنزلة الأم } ، مختصر . وأخرج أبو داود عن عجير عن علي ، فذكر القصة ، وفيه : { فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر ، تكون عند خالتها ، وقال : إنما الخالة أم } ، مختصر .

وأما حديث أبي مسعود : فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا أبو الشيخ محمد بن الحسن الأصبهاني ، وأحمد بن زهير التستري ، قالا : ثنا محمد بن حرب النسائي ثنا يحيى [ ص: 550 ] بن عباد ثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن خالد بن سعد عن أبي مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الخالة والدة }انتهى .

وأما حديث أبي هريرة : فأخرجه العقيلي في " كتابه " عن يوسف بن خالد السمتي ثنا أبو هريرة المدني عن مجاهد عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الخالة والدة }انتهى .

وأعله بيوسف هذا ، ووصفه بالكذب ، وقال : لا يتابع عليه .

{ حديث آخر } : مرسل ، رواه ابن سعد في " الطبقات في ترجمة جعفر بن أبي طالب " فقال : أخبرنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه ، قال : { إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال ، إذ أخذ علي بيدها ، فألقاها إلى فاطمة في هودجها ، قال : فاختصم فيها علي ، وجعفر ، وزيد بن حارثة حتى ارتفعت أصواتهم ، فأيقظوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال علي : ابنة عمي ، وأنا أخرجتها ، وقال جعفر : ابنة عمي ، وخالتها عندي ، وقال زيد : ابنة أخي ، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر وقال : الخالة والدة ، فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم أي دار عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذا يا جعفر ؟ قال : شيء رأيت الحبشة تصنعه بملوكهم إذا أرضوهم }انتهى . [ ص: 551 ]

{ حديث آخر } : مرسل ، رواه ابن المبارك في " كتاب البر والصلة " بسنده عن الزهري ، قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { العم أب إذا لم يكن دونه أب ، والخالة والدة إذا لم يكن دونها أم ، }انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية