قال : ( والإقرار ) ( أن يقر البالغ العاقل على نفسه بالزنا أربع مرات في أربعة [ ص: 99 ] مجالس عن مجالس المقر كلما أقر رده القاضي ) فاشتراط البلوغ والعقل ، لأن قول الصبي والمجنون غير معتبر ، أو هو غير موجب للحد ، واشتراط الأربع مذهبنا ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : يكتفى بالإقرار مرة واحدة اعتبارا بسائر الحقوق وهذا لأنه مظهر ، وتكرار الإقرار لا يفيد زيادة الظهور بخلاف زيادة العدد في الشهادة .
[ ص: 100 - 101 ] ولنا حديث ماعز رضي الله عنه فإنه عليه الصلاة والسلام أخر الإقامة إلى أن تم الإقرار منه أربع مرات في أربعة مجالس ، فلو ظهر بما دونها لما أخرها لثبوت الوجوب ، ولأن الشهادة اختصت فيه بزيادة العدد فكذا الإقرار إعظاما لأمر الزنا وتحقيقا لمعنى الستر ، ولا بد من اختلاف المجالس لما روينا ، ولأن لاتحاد [ ص: 102 ] المجلس أثرا في جمع المتفرقات ، فعنده يتحقق شبهة الاتحاد في الإقرار ، والإقرار قائم بالمقر فيعتبر اختلاف مجلسه دون مجلس القاضي .
[ ص: 103 - 106 ] والاختلاف بأن يرده القاضي كلما أقر فيذهب حيث لا يراه ثم يجيء فيقر هو المروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ، لأنه عليه الصلاة والسلام طرد ماعزا في كل مرة حتى توارى بحيطان المدينة .
أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة ، قال : رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل قصير أعضل ليس عليه رداء ، فشهد على نفسه أربع [ ص: 102 ] مرات أنه زنى ، فقال عليه السلام : فلعلك كذا ؟ قال : لا والله ، إنه قد زنى ، قال : فرجمه ، ثم خطب ، فقال : ألا كلما نفرنا في سبيل الله تخلف أحدهم ، له نبيب كنبيب التيس ، يمنح إحداهن الكثبة ، أما والله إن يمكني من أحدهم لأنكلنه انتهى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة : كنا نتحدث أصحاب نبي الله أن ماعزا لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه ، وإنما رجمه عند الرابعة انتهى .
وعند أبي داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي فيه : قال : كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أن الغامدية ، وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما ، وإنما رجمهما بعد الرابعة انتهى .
وزاد فيه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : قال هشام : فحدثني يزيد بن نعيم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين رآه : والله يا هزال لو كنت سترته بثوبك لكان خيرا لك مما صنعت به ، قال في " التنقيح " : إسناده صالح ، nindex.php?page=showalam&ids=17241وهشام بن سعد روى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وقد تكلم فيه من قبل حفظه ، ويزيد بن نعيم روى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " الثقات " ، وأبو نعيم ذكره في " الثقات " أيضا ، وهو مختلف في صحبته ، فإن لم تثبت صحبته ، فآخر هذا الحديث مرسل انتهى .
قال في " التنقيح " : nindex.php?page=showalam&ids=14078وحجاج فيه كلام ، وعبد الملك هو الطائفي ، وثقه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، وروى له الترمذي حديثا ، وعبد الله بن المقدام بن المورد طائفي أيضا ، لم يذكره ابن أبي حاتم بجرح انتهى .
قالوا : وليس فيه إقرارها أربع مرات ، قالوا : وإنما رد النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا أربع مرات ، لأنه عليه السلام ظن أن في عقله شيئا ، لا لكونه [ ص: 105 ] شرطا في وجوب الحد ، قالوا : وقد جاء في " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " عن nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=66480أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذي عضلات ، عليه إزار ، وقد زنى ، فرده مرتين ، ثم أمر به فرجم } ، وفيه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري أنه اعترف بالزنا ثلاث مرات ، قالوا : وهذا يضعف القول باشتراط الأربع ، والجواب : أما حديث العسيف ، فمعناه : واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت ، الاعتراف المعهود بالتردد أربع مرات وأما حديث الغامدية : فالراوي قد يختصر الحديث ، ولا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع ، وأيضا فقد ورد في بعض طرقه أنه ردها أربع مرات ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار في " مسنده " عن زكريا بن سليم ثنا شيخ من قريش عن nindex.php?page=showalam&ids=16329عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ، فذكره ، وفيه أنها أقرت بالزنا أربع مرات ، وهو يردها ، ثم قال لها : اذهبي حتى تلدي ، الحديث ، ويراجع ، وأما قولهم : إنه عليه السلام رد ماعزا أربع مرات ، لأنه ظن أن بعقله شيئا ، فليس بشيء ، لأنه عليه السلام سأل عن عقله بعد اعترافه الرابعة ، كما تقدم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المخرجين في " الصحيحين " ، فلو كان تكرار الأربعة إنما هو لاختبار عقله ، لما كان في السؤال عنه بعد الرابعة فائدة وكيف وقد رده عليه السلام بعد أن أخبر بعقله ، كما أورده nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة ، أن { nindex.php?page=hadith&LINKID=66481ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فرده ، ثم أتاه الثانية من الغد ، فرده ، ثم أرسل إلى قومه ، هل تعلمون بعقله بأسا ؟ فقالوا : ما نعلمه إلا وفي العقل ، من صالحينا ، فأتاه الثالثة ، فأرسل إليهم أيضا ، فسأل عنه ، فأخبروه أنه لا بأس به ، ولا بعقله ، فلما كان الرابعة حفر له حفرة ورجمه } ، مختصر .
فظهر من هذا أن الأربعة معتبرة ، ويؤيد ذلك ما تقدم عند أبي داود في حديث هزال أنه عليه السلام ، قال لماعز : إنك قد قلتها أربع مرات ، وفي لفظ له عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إنك شهدت على نفسك أربع مرات وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12508لابن أبي شيبة : أليس أنك قد قلتها أربع مرات ؟ فرتب الرجم على الأربع ، وإلا فمن المعلوم أنه قالها أربع مرات ، ويدل عليه ما تقدم في " مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد " عن أبي بكر أنه قال له بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بعد اعترافه ثلاث مرات : إن اعترفت الرابعة رجمك ، وهذا أصرح في الدلالة على اشتراط الأربع ، لولا أن في إسناده جابرا الجعفي وأما قولهم : إنه ورد في " الصحيح " أنه رده مرتين ، وثلاث مرات ، فالجواب أنه رده مرتين بعد مرتين ، واختصر الراوي منها مرتين ، يدل على ذلك ما أخرجه أبو داود ، [ ص: 106 ] nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عن عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=66482أتي النبي صلى الله عليه وسلم بماعز بن مالك فاعترف مرتين ، فقال : اذهبوا به ، ثم قال ردوه ، فاعترف مرتين ، حتى اعترف أربعا ، فقال : اذهبوا به ، فارجموه }انتهى .
فتبين بهذا أن المرتين المذكورتين في " الصحيح " هما من الأربع ، وكذلك رواية الثلاث ، أي معها رابعة ، وتتفق بذلك الأحاديث ، والله أعلم .