نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( ولا قطع فيما يتسارع إليه الفساد كاللبن واللحم والفواكه الرطبة ) [ ص: 186 ] لقوله عليه الصلاة والسلام : { لا قطع في ثمر ولا كثر }" والكثر : الجمار ، وقيل [ ص: 187 ] الودي .

وقال عليه الصلاة والسلام : { لا قطع في الطعام }" والمراد والله أعلم ما يتسارع إليه الفساد كالمهيإ للأكل منه ، وما في معناه كاللحم والثمر ، لأنه يقطع في الحنطة والسكر إجماعا .

وقال الشافعي رحمه الله : يقطع فيها لقوله عليه الصلاة والسلام : { لا قطع في ثمر ولا كثر فإذا آواه الجرين أو الجران قطع }" قلنا : أخرجه على وفاق العادة ، والذي يؤويه الجرين في عادتهم هو اليابس من الثمر وفيه القطع .


الحديث الثالث :

قال عليه السلام : { لا قطع في ثمر ولا كثر }" قلت : أخرجه الترمذي عن الليث بن سعد ، والنسائي ، وابن ماجه عن سفيان بن عيينة ، كلاهما عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان ، { أن غلاما سرق وديا من حائط ، فرفع إلى مروان ، فأمر بقطعه ، فقال رافع بن خديج : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا قطع في ثمر ولا كثر }" انتهى .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الحادي [ ص: 186 ] والتسعين ، من القسم الأول عن سفيان به ، وأعاده في النوع الأربعين ، من القسم الثاني ، قال عبد الحق في " أحكامه " : هكذا رواه سفيان بن عيينة ، ورواه غيره ، فلم يذكر واسع بن حبان ، ولم يتابع سفيان على هذه الرواية إلا حماد بن دليل ، فإنه رواه عن شعبة عن يحيى بن سعيد مثل رواية سفيان ، وأما غير حماد ، فإنه رواه عن شعبة ، لم يذكر واسع بن حبان ، ومحمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من رافع انتهى .

وقال الترمذي : وقد روى هذا الحديث مالك ، وغيره عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن رافع ، لم يذكروا فيه واسعا انتهى .

أما حديث مالك

فهو عند أبي داود في " سننه " ، وتابع مالكا على هذه الرواية المنقطعة حماد بن دليل ، وحديثه عند أبي داود أيضا ، وعمرو بن علي ، وحديثه عند النسائي ، وزهير ، وشعبة ، وحديثهما عند النسائي أيضا ، وأخرجه النسائي أيضا عن سفيان عن يحيى بن سعيد به منقطعا ، فقد اختلف فيه على سفيان ، ومنهم أبو خالد الأحمر ، وحديثه عند أبي شيبة في " مصنفه " ، وأخرجه الطبراني في " معجمه " عن الحسن بن صالح عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم { لا قطع في ثمر ولا كثر }" انتهى .

وتأول الشافعي الثمر في هذا الحديث ، ما كان معلقا في النخل ، قبل أن يجذ ويحرز ، بدليل قوله في الحديث الآتي قريبا : { ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين ، فبلغ ثمن المجن . فعليه القطع }

وزاد النسائي فيه لفظ : والكثر : الجمار الذي في النخل ، ولم يروه أحمد في " مسنده " إلا بالطريق المقطوعة ، وبالطريقين رواه الدارمي ، وإسحاق بن راهويه .

{ حديث آخر } :

رواه ابن ماجه حدثنا هشام بن عمار ثنا سعيد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا قطع في ثمر ولا كثر }" ، [ ص: 187 ] انتهى .

الحديث الرابع : قال عليه السلام : { لا قطع في الطعام }" قلت : غريب بهذا اللفظ وأخرج أبو داود في " المراسيل عن جرير بن حازم عن الحسن البصري أن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : { إني لا أقطع في الطعام }"

انتهى .

وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة أبي داود ، ولم يعله بغير الإرسال ، وأقره ابن القطان على ذلك وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حفص عن أشعث بن عبد الملك ، وعمرا عن الحسن { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل سرق طعاما ، فلم يقطعه }انتهى .

حدثنا وكيع عن جرير بن حازم ، والسري بن يحيى عن الحسن ، نحوه ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا سفيان الثوري عن رجل عن الحسن ، فذكره ، وزاد : قال سفيان : هو الطعام الذي يفسد من نهاره ، كالثريد واللحم .

الحديث الخامس : قال عليه السلام : { لا قطع في ثمر ولا كثر ، فإذا آواه الجرين أو الجران ، قطع }" قلت : غريب هذا اللفظ ، وبمعناه ما أخرجه أبو داود ، والنسائي ، [ ص: 188 ] وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو { أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق ، فقال : من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ، ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين ، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع }

انتهى .

أخرجه في [ ص: 189 ] اللقطة " أبو داود عن ابن عجلان ، وعن الوليد بن كثير ، وعن عبيد الله بن الأخنس ، وعن محمد بن إسحاق أربعتهم عن عمرو بن شعيب به وأخرجه النسائي في " الزكاة " عن ابن عجلان ، وعبيد الله بن الأخنس وأخرجه أيضا من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث ، وهشام بن سعد عن عمرو بن شعيب به { أن رجلا من مزينة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى في الثمر المعلق ؟ فقال : ليس في شيء من الثمر المعلق قطع ، إلا ما آواه الجرين ، فما أخذ من الجرين ، فبلغ ثمن المجن ، ففيه القطع وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله ، وجلدات نكال }

، مختصر .

وبهذا السند والمتن رواه الحاكم في المستدرك " ، [ ص: 190 ] وقال : قال إمامنا إسحاق بن راهويه : إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر ، انتهى .

وأخرجه ابن ماجه في " الحدود " عن الوليد بن كثير عن عمرو به .

واعلم أن الترمذي روى هذا الحديث في " البيوع " عن ابن عجلان به مختصرا ، لم يذكر فيه السرقة ، وقال : حديث حسن ، انتهى .

ووقفه ابن أبي شيبة في " مصنفه " فقال : حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : ليس في شيء من الثمار قطع ، حتى يأوي الجرين ، حدثنا وكيع عن إسحاق بن سعيد عن أبيه عن ابن عمر ، قال نحوه سواء .

وروى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر عن عطاء الخراساني أن عمر بن الخطاب ، قال : من أخذ من الثمر شيئا ، فليس عليه قطع حتى يأوي الجرين ، فإن أخذ منه بعد ذلك ما يساوي ربع دينار قطع انتهى .

وروى مالك في " الموطإ " قال أبو مصعب : أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : { لا قطع في ثمر معلق ، ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين ، فالقطع فيما بلغ ثمن المجن }"

انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية