( وإن صالحهم مدة ، ثم رأى نقض الصلح أنفع نبذ إليهم وقاتلهم ) لأنه عليه الصلاة والسلام نبذ الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة ، ولأن المصلحة لما تبدلت كان النبذ جهادا وإيفاء العهد ترك الجهاد صورة ومعنى فلا بد من النبذ تحرزا عن الغدر .
[ ص: 240 ] وقد قال عليه الصلاة والسلام : { في العهود وفاء لا غدر }ولا بد من اعتبار مدة يبلغ فيها خبر النبذ إلى جميعهم ، ويكتفي في ذلك بمضي مدة يتمكن ملكهم بعد علمه بالنبذ من إنفاذ الخبر إلى أطراف مملكته لأن بذلك ينتفي الغدر .
قال : ( وإن بدءوا بخيانة قاتلهم ولم ينبذ إليهم إذا كان ذلك باتفاقهم ) لأنهم صاروا ناقضين للعهد فلا حاجة إلى نقضه ، بخلاف ما إذا دخل جماعة [ ص: 241 ] منهم فقطعوا الطريق ولا منعة لهم حيث لا يكون هذا نقضا للعهد ، ولو كانت لهم منعة وقاتلوا المسلمين علانية يكون نقضا للعهد في حقهم دون غيرهم لأنه بغير إذن ملكهم ففعلهم لا يلزم غيرهم ، حتى لو كان بإذن ملكهم صاروا ناقضين للعهد لأنه باتفاقهم معنى .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " دلائل النبوة في أبواب قصة الحديبية " عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة مرسلا ، فذكر القصة ، وفي آخرها : { فكان الصلح بين رسول [ ص: 239 ] الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش سنتين }.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقولهما : سنتين يريد أن بقاءه حتى نقض المشركون عهدهم ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم حينئذ لفتح مكة ، فأما المدة التي وقع عليها عقد الصلح فيشبه أن يكون المحفوظ ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، وهي عشر سنين انتهى كلامه .
وقال السهيلي في " الروض الأنف " في كلامه على غزوة الحديبية : واختلف العلماء هل يجوز الصلح إلى أكثر من عشر سنين ؟ وحجة المانعين أن منع الصلح هو الأصل ، بدليل آية القتال ، وقد ورد التحديد بالعشر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، فحصلت الإباحة في هذا القدر ، ويبقى الزائد على الأصل انتهى .
وقال أبو الفتح اليعمري في " سيرته ، عيون الأثر " : ليس في مطلق الأمر بالقتال ما يمنع من الصلح ، وإن كان المراد ما في " سورة براءة " من ذلك ، مما نزل بعد هذه الواقعة ، ففي " التخصيص " بذلك اختلاف بين العلماء ، وأما تحديد هذه المدة بعشر سنين ، فأهل النقل مختلفون في ذلك فوقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عشر سنين ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة أنه كان سنتين ، وكذلك ابن عائذ عن nindex.php?page=showalam&ids=16976محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أن مدة الصلح كانت إلى سنتين انتهى .
وفي كتاب شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره في الصحيح عن مسور ، ومروان في قصة الحديبية : وخرج nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقع الصلح ، على أن يوضع الحرب بينهم عشر سنين .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبو داود الطيالسي ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة في " مسانيدهم " ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والأربعين ، من القسم الثالث ، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " معجمه " ، وقال الترمذي فيه : حديث حسن صحيح انتهى .