( وإذا فتح الإمام بلدة عنوة ) أي قهرا ( فهو بالخيار إن شاء قسمه بين المسلمين ) كما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام بخيبر .
[ ص: 251 - 254 ] ( وإن شاء أقر أهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج ) كذلك فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة رضي الله عنهم ولم يحمد من خالفه ، وفي كل من ذلك قدوة فيتخير وقيل الأولى هو الأول عند حاجة الغانمين ، والثاني عند عدم الحاجة ، ليكون عدة في الزمان الثاني ، وهذا في العقار .
أما في المنقول المجرد لا يجوز المن بالرد عليهم لأنه لم يرد به الشرع فيه ، وفي العقار خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، لأن في المن إبطال حق الغانمين أو ملكهم فلا يجوز من غير بدل يعادله والخراج غير معادل لقلته بخلاف الرقاب ; لأن للإمام أن يبطل حقهم رأسا بالقتل والحجة عليه ما رويناه ، ولأن فيه نظرا لأنهم كالأكرة العاملة للمسلمين العاملة بوجوه الزراعة والمؤن مرتفعة مع ما أنه يحظى به الذين يأتون من بعد ، والخراج وإن قل حالا فقد جل مآلا لدوامه ، وإن من عليهم بالرقاب والأراضي يدفع إليهم من المنقولات بقدر ما يتهيأ لهم العمل ليخرج عن حد الكراهة .
[ ص: 250 ] باب الغنائم وقسمتها
الحديث الأول : قال المصنف رحمه الله : وإذا فتح الإمام بلدة عنوة ، فهو بالخيار ، إن شاء قسمه بين المسلمين ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر قلت : أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قال : والذي نفسي بيده ، لولا أن أترك آخر الناس ببانا ، ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، ولكن أتركها لهم خزانة ، يقتسمونها ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " الموطإ " أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن أبيه ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يقول : لولا أن نترك آخر الناس لا شيء لهم ، ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانا ، كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر سهمانا انتهى .
زاد أبو عبيد في " كتاب الأموال " : { فعاملهم على نصف ما يخرج منها ، فلم يزل على ذلك حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، حتى كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فكثر العمال في المسلمين ، وقووا على العمل ، فأجلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر اليهود إلى الشام ، وقسم الأموال بين المسلمين ، إلى اليوم }انتهى .
nindex.php?page=showalam&ids=15547وبشير بن يسار تابعي ثقة ، يروي عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وغيره يروي هذا الخبر عنه يحيى بن سعيد ، وقد اختلف عليه فيه ، فبعض أصحاب يحيى يقول فيه : عن بشير عن سهل بن أبي حثمة ، وبعضهم يقول : عن رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من يرسله ، والله أعلم .
قال أبو الفتح اليعمري في " سيرته عيون الأثر " : اختلف العلماء في المدينة إذا فتحت عنوة ، هل تقسم أرضها بين المسلمين ، كسائر الغنائم ، أو توقف ؟ فقال الكوفيون : الإمام مخير بين أن يقسمها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض خيبر ، أو يقر أهلها عليها ، ويضع عليهم الخراج ، كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بسواد العراق ، في جماعة من الصحابة ، وبالأول أخذ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وبالثاني أخذ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، نفعا لمن يأتي بعده من المسلمين ، ثم ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ثم قال : وهذا يدل على أن خيبر قسمت كلها سهمانا ، وهو رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق [ ص: 252 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، رواه أبو داود في " سننه " عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق قال : سألت ابن شهاب ، فأخبرني { nindex.php?page=hadith&LINKID=66727أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال } ، وروي أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري نحوه ، وروي أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=66728أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر ، فأصبناها عنوة ، وجمع السبي }.
قال أبو عمر في " مغازيه " : وهذا هو الصحيح في { أرض خيبر أنها كانت عنوة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم جميع أرضها على الغانمين ، وهم أهل الحديبية } ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أن بعضها كان عنوة ، وبعضها كان صلحا ، قال أبو عمر : وهذا وهم ، وإنما دخل عليه ذلك من جهة الحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم ، وهما الوطيح والسلالم ، كما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر أهل خيبر في حصنهم الوطيح ، والسلالم ، حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم ، وأن يحقن لهم دماءهم ، ففعل ، فحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال وجميع الحصون ، إلا ما كان من ذينك الحصنين ، فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف ، وقالوا : نحن أعلم بها منكم ، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف ، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم } ، قال أبو عمر : فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين مغنومين ظن أن ذلك صلح ، ولعمري إنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح ، ولكنهم لم يتركوا أرضهم ، إلا بالحصار والقتال ، فكان حكم أرضهما كحكم سائر أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها قال : وربما شبه على هذا القائل بحديث nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار { nindex.php?page=hadith&LINKID=66731أنه عليه السلام قسم خيبر نصفين ، نصفا له ، ونصفا للمسلمين }.
قال : وهذا إن صح ، فمعناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه ، لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهما ، فوقع سهم النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة معه في ثمانية عشر سهما ، ووقع سائر الناس في باقيها ، وكلهم ممن شهد الحديبية ، ثم خيبر ، وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحا ، ولو كانت صلحا لملكها أهلها ، كما يملك أهل الصلح أرضهم ، وسائر أموالهم ، قال : فالحق في ذلك ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، دون ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عنه انتهى كلام أبي عمر .
، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار المرسلة : { أنه عليه السلام عزل شطرها ثمانية عشر سهما لنوائب المسلمين ، فكان منها الوطيح ، والسلالم ، والكتيبة التي كان بعضها صلحا وبعضها عنوة ، وقد تكون غلب عليها حكم الصلح ، فلذلك لم يقسم فيما قسم بين الغانمين ، والوطيح ، والسلالم } ، لم يجر لهما ذكر صريح في العنوة ، فصار هذا القول قويا انتهى كلام أبي الفتح رحمه الله .
[ ص: 254 ] قوله : { وإن شاء أقر أهلها عليها ، ووضع عليهم الجزية ، وعلى أراضيهم الخراج ، هكذا فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة } ، ولم يحمد من خالفه قلت : روى ابن سعد في " الطبقات في ترجمة عثمان بن حنيف " أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16505عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن أبي مجلز " ح " وأخبرنا مخبر عن nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن الحكم ، ومحمد بن الميسر أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وجه عثمان بن حنيف على خراج السواد ، ورزقه كل يوم ربع شاة وخمسة دراهم ، وأمره أن يمسح السواد عامره وغامره ، ولا يمسح سبخة ، ولا تلا ، ولا أجمة ، ولا مستنقع ماء ، ولا ما لا يبلغه الماء ، فمسح عثمان كل شيء دون الجبل يعني حلوان إلى أرض العرب وهو أسفل الفرات وكتب إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : إني وجدت كل شيء بلغه الماء من عامر وغامر ستة وثلاثين ألف ألف جريب ، وكان ذراع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الذي مسح به السواد ذراعا وقبضة ، فكتب إليه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : أن افرض الخراج على كل جريب عامر أو غامر ، عمله صاحبه ، أو لم يعمله ، درهما وقفيزا ، وافرض على الكرم ، وعلى كل جريب عشرة دراهم ، وعلى الرطاب [ ص: 255 ] خمسة دراهم ، وأطعمهم النخل والشجر ، وقال : هذا قوة لهم على عمارة بلادهم ، وفرض على رقابهم ، على الموسر ثمانية وأربعين درهما ، وعلى من دون ذلك أربعة وعشرين درهما ، وعلى من لم يجد شيئا اثني عشر درهما ، وقال : درهم لا يعوز رجلا في كل شهر ، ورفع عنهم الرق بالخراج الذي وضعه في رقابهم ، وجعلهم أكرة في الأرض ، فحمل من خراج سواد الكوفة إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في أول سنة ، ثمانون ألف ألف درهم ، ثم حمل من قابل ، مائة وعشرون ألف ألف درهم ، ولم يزل كذلك انتهى .
ورواه ابن زنجويه في " كتاب الأموال " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15464الهيثم بن عدي أنبأني nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس عن الشعبي " ح " وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن أبي مجلز " ح " قال الهيثم : وأنبأنا nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن الحكم ، قالوا : وجه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عثمان بن حنيف ، الحديث .