( فإن
أنفق الملتقط عليها بغير إذن [ ص: 372 ] الحاكم فهو متبرع ) لقصور ولايته عن ذمة المالك وإن أنفق بأمره كان ذلك دينا على صاحبها لأن للقاضي ولاية في مال الغائب نظرا له ، وقد يكون النظر في الإنفاق على ما نبين . ( وإذا رفع ذلك إلى الحاكم نظر فيه ; فإن كان للبهيمة منفعة آجرها وأنفق عليها من أجرتها ) لأن فيه إبقاء العين على ملكه من غير إلزام الدين عليه ، وكذلك يفعل بالعبد الآبق ( وإن لم تكن لها منفعة وخاف أن تستغرق النفقة قيمتها باعها وأمر بحفظ ثمنها ) إبقاء له معنى عند تعذر إبقائه صورة ( وإن كان الأصلح الإنفاق عليها أذن في ذلك وجعل النفقة دينا على مالكها ) لأنه نصب ناظرا ، وفي هذا نظر من الجانبين قالوا : إنما يأمر بالإنفاق يومين أو ثلاثة أيام على قدر ما يرى رجاء أن يظهر مالكها ، فإذا لم يظهر يأمر ببيعها لأن دارة النفقة مستأصلة فلا نظر في الإنفاق مدة مديدة . قال رضي الله عنه : وفي الأصل شرط إقامة البينة ، وهو الصحيح لأنه يحتمل أن يكون غصبا في يده فلا يأمر فيه بالإنفاق وإنما يأمر به في الوديعة فلا بد من البينة لكشف الحال ، وليست البينة تقام للقضاء ، وإن قال : لا بينة لي يقول القاضي له : أنفق عليه إن كنت صادقا فيما قلت حتى ترجع على المالك إن كان صادقا ولا يرجع إن كان غاصبا ، وقوله في الكتاب وجعل النفقة دينا على صاحبها إشارة إلى أنه إنما يرجع المالك بعدما حضر ولم تبع اللقطة إذا شرط القاضي الرجوع على المالك وهذه رواية ، وهو الأصح . قال : ( وإذا
حضر ) يعني ( المالك فللملتقط أن يمنعها منه حتى يحضر النفقة ) لأنه حي بنفقته فصار كأنه استفاد الملك من جهته فأشبه المبيع ، وأقرب من ذلك راد الآبق فإن له الحبس لاستيفاء الجعل لما ذكرنا ; ثم لا يسقط دين النفقة بهلاكه في يد الملتقط قبل الحبس ويسقط إذا هلك بعد الحبس لأنه يصير بالحبس شبيه الرهن .