نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( وإن أقام كل واحد منهما البينة على الشراء من الآخر ) قال : وهذا [ ص: 180 ] عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وعلى قول محمد يقضي بالبينتين ويكون للخارج ; لأن العمل بهما ممكن ، فيجعل كأنه اشترى ذو اليد من الآخر وقبض ثم باع الدار لأن القبض دلالة السبق على ما مر ، ولا يعكس الأمر لأن البيع قبل القبض لا يجوز وإن كان في العقار عنده . ولهما : أن الإقدام على الشراء إقرار منه بالملك للبائع فصار كأنهما قامتا على الإقرارين وفيه التهاتر بالإجماع كذا هاهنا ، ولأن السبب يراد لحكمه وهو الملك وهاهنا لا يمكن القضاء لذي اليد إلا بملك مستحق فبقي القضاء له بمجرد السبب وأنه لا يفيده ، ثم لو شهدت البينتان على نقد الثمن فالألف بالألف قصاص عندهما إذا استويا لوجود قبض مضمون من كل جانب وإن لم يشهدوا على نقد الثمن فالقصاص مذهب محمد رحمه الله للوجوب عنده . ولو شهد الفريقان بالبيع والقبض تهاترتا بالإجماع ; لأن الجمع غير ممكن عند محمد رحمه الله لجواز كل واحد من البيعين بخلاف الأول وإن وقتت البينتان في العقار ولم تثبتا قبضا ووقت الخارج أسبق يقضى لصاحب اليد عندهما ، فيجعل كأن الخارج اشترى أولا ثم باع قبل القبض من صاحب اليد ، وهو جائز في العقار عندهما . وعند محمد رحمه الله يقضى للخارج لأنه لا يصح بيعه قبل القبض فبقي على ملكه ، وإن أثبتا قبضا يقضى لصاحب اليد لأن البيعين جائزان على القولين ، وإن كان وقت صاحب اليد أسبق يقضى للخارج في الوجهين فيجعل كأنه اشتراها ذو اليد وقبض ثم باع ولم يسلم أو سلم ثم وصل إليه بسبب آخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية