نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( وإن كاتب مدبرته جاز ) لما ذكرنا من الحاجة ولا تنافي إذ الحرية غير ثابتة ، وإنما الثابت مجرد الاستحقاق ( وإن مات المولى ولا مال غيرها فهي بالخيار بين أن تسعى في ثلثي قيمتها أو جميع مال الكتابة ) وهذا عند أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف رحمه الله : تسعى في الأقل منهما ، وقال محمد رحمه الله : تسعى في الأقل من ثلثي قيمتها وثلثي بدل الكتابة ، فالخلاف في الخيار والمقدار فأبو يوسف مع أبي حنيفة رحمهما اللهفي المقدار ومع محمد رحمه الله في نفي الخيار ، أما الخيار ففرع تجزؤ الإعتاق ، والإعتاق عنده لما تجزأ بقي الثلثان رقيقا وقد تلقاها جهتا حرية ببدلين معجل بالتدبير ومؤجل بالكتابة ، فتخير عنده ، وعندهما لما عتق كلها بعتق بعضها ، فهي حرة وجب عليها أحد المالين فتختار الأقل لا محالة فلا معنى للتخيير ، وأما المقدار فلمحمد رحمه الله أنه قابل البدل بالكل وقد سلم لها الثلث بالتدبير فمن المحال أن يجب البدل بمقابلته ، ألا ترى أنه لو سلم لها الكل بأن خرجت من الثلث يسقط كل بدل الكتابة ، فهاهنا يسقط الثلث وصار كما إذا تأخر التدبير عن الكتابة ، ولهما أن جميع البدل مقابل بثلثي رقبتها فلا يسقط منه شيء ، وهذا ; لأن البدل وإن قوبل بالكل [ ص: 330 ] صورة وصيغة لكنه مقيد بما ذكرنا معنى وإرادة ; لأنها استحقت حرية الثلث ظاهرا ، والظاهر أن الإنسان لا يلتزم المال بمقابلة ما يستحق حريته وصار هذا كما إذا طلق امرأته ثنتين ثم طلقها ثلاثا على ألف كان جميع الألف بمقابلة الواحدة الباقية لدلالة الإرادة كذا هاهنا ، بخلاف ما إذا تقدمت الكتابة ، وهي المسألة التي تليه ; لأن البدل مقابل بالكل إذ لا استحقاق عنده في شيء فافترقا . .

التالي السابق


الخدمات العلمية