الشفعة . مشتقة من الشفع ، وهو الضم سميت بها لما فيها من ضم المشتراة إلى عقار الشفيع .
قال : ( الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ، ثم للخليط في حق المبيع ، كالشرب والطريق ثم للجار ) أفاد هذا اللفظ ثبوت حق الشفعة لكل واحد من هؤلاء وأفاد الترتيب .
وأما الترتيب فلقوله عليه الصلاة والسلام { : الشريك أحق من الخليط والخليط أحق من الشفيع }فالشريك في نفس المبيع ، والخليط في حقوق المبيع ، والشفيع هو الجار ; ولأن الاتصال بالشركة في المبيع أقوى ; لأنه في كل جزء ; وبعده الاتصال في الحقوق ; لأنه شركة في مرافق الملك ، والترجيح يتحقق بقوة السبب ; ولأن ضرر القسمة إن لم يصلح علة صلح مرجحا . [ ص: 424 ]
قال : ( وليس للشريك في الطريق والشرب والجار شفعة مع الخليط في الرقة ) لما ذكرنا أنه مقدم .
قال : ( فإن سلم فالشفعة للشريك في الطريق فإن سلم أخذها الجار ) لما بينا من الترتيب ، والمراد بهذا الجار الملاصق وهو الذي على ظهر الدار المشفوعة وبابه في سكة أخرى .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : أن مع وجود الشريك في الرقبة لا شفعة لغيره سلم أو استوفى ; لأنهم محجوبون به ، ووجه الظاهر : أن السبب قد تقرر في حق الكل ، إلا أن للشريك حق التقدم فإذا سلم كان لمن يليه بمنزلة دين الصحة مع دين المرض ، والشريك في المبيع قد يكون في بعض منها كما في منزل معين من الدار أو جدار معين منها ، وهو مقدم على الجار في المنزل وكذا على الجار في بقية الدار في أصح الروايتين عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله ; لأن اتصاله أقوى والبقعة واحدة ، ثم لا بد أن يكون الطريق أو الشرب خاصا حتى تستحق الشفعة بالشركة فيه . فالطريق الخاص ، أن لا يكون نافذا والشرب الخاص أن يكون نهرا لا تجري فيه السفن ، وما تجري فيه فهو عام ، وهذا عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله : أن الخاص أن يكون نهرا يسقى منه قراحان أو ثلاثة ، وما زاد على ذلك فهو عام ، فإن كانت سكة غير نافذة يتشعب منها سكة غير نافذة وهي مستطيلة فبيعت [ ص: 425 ] دار في السفلى فلأهلها الشفعة خاصة دون أهل العليا ، وإن بيعت للعليا فلأهل السكتين ، والمعنى ما ذكرنا في كتاب أدب القاضي ، ولو كان نهر صغير يأخذ منه نهر أصغر منه فهو على قياس الطريق فيما بيناه .
قال : ( ولا يكون الرجل بالجذوع على الحائط شفيع شركة ولكنه شفيع جوار ) ; لأن العلة هي الشركة في العقار وبوضع الجذوع لا يصير شريكا في الدار إلا أنه جار ملازق .
قال : ( والشريك في الخشبة تكون على حائط الدار جار ) لما بينا .
قال الترمذي : حديث حسن صحيح ; ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في " مسنده " ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في " معجمه " ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة في " مصنفه " ، وفي بعض ألفاظهم : جار الدار أحق بشفعة الدار ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن الحسن عن سمرة ، وأخرجه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=17638 : جار الدار أحق بالدار }انتهى .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار في " مسنده " ، وقال : ويروى هذا الحديث عن الحسن عن سمرة ، nindex.php?page=showalam&ids=16753وعيسى بن يونس جمع بين الطريقين ، أعني عن سعيد بن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن الحسن عن سمرة .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12514ابن أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس انتهى . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في " سننه " ، وقال : وهم فيه nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس ، وغيره يرويه عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن الحسن عن سمرة ، هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، وغيره ، وهو الصواب ، انتهى .
قال ابن القطان في " كتابه " : وقد مالا بهذا [ ص: 420 ] القول على nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس ، فإنه ثقة ، ولا يبعد أن يكون جمع بين الروايتين ، أعني عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس .
وعن سمرة ، وقد ورد ما يعضد ذلك ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ : حدثنا محمد بن إسماعيل ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن nindex.php?page=showalam&ids=12083أبي عروبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وبه عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا ، فذكره ، قال : nindex.php?page=showalam&ids=16753وعيسى بن يونس ثقة ، فوجب تصحيح ذلك عنه انتهى .
{ حديث آخر } :
رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في " مسنده " حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان ثنا همام أنبأ nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد الثقفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=17638 : جار الدار أحق بالدار من غيره }انتهى .
وبقية الحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك بن أبي سليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=14003 : الجار أحق بشفعة جاره ، ينتظر بها ، وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا }انتهى . قال الترمذي : حديث حسن غريب ، ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك بن أبي سليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وقد تكلم nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة في عبد الملك من أجل هذا الحديث ، وعبد الملك ثقة مأمون عند أهل الحديث لا نعلم أحدا تكلم فيه غير nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة من أجل هذا الحديث انتهى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري في " مختصره " : قال ، nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يخاف أن لا يكون محفوظا ، nindex.php?page=showalam&ids=233وأبو سلمة حافظ ، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير ، ولا يعارض حديثهما بحديث عبد الملك ، وسئل nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن هذا الحديث ، فقال : هو حديث منكر ; وقال يحيى : لم يحدث به إلا عبد الملك ، وقد أنكره الناس عليه ; وقال الترمذي : سألت nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال : لا أعلم أحدا رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء غير عبد الملك ، تفرد به ، ويروى عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر خلاف هذا انتهى كلامه وقال صاحب " التنقيح " : واعلم أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك بن أبي سليمان حديث صحيح ، ولا منافاة بينه وبين رواية nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المشهورة ، وهي الشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة ، فإن في حديث عبد الملك إذا كان طريقها واحدا ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المشهور لم ينف فيه استحقاق الشفعة ، إلا بشرط [ ص: 421 ] تصرف الطرق ، فيقول : إذا اشترط الجاران في المنافع ، كالبئر ، أو السطح ، أو الطريق ، فالجار أحق بصقب جاره ، لحديث عبد الملك ، وإذا لم يشتركا في شيء من المنافع ، فلا شفعة لحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المشهور ، وطعن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث ، لا يقدح فيه ، فإنه ثقة ، وشعبة لم يكن من الحذاق في الفقه ، ليجمع بين الأحاديث ، إذا ظهر تعارضها ، إنما كان حافظا ، وغير شعبة إنما طعن فيه تبعا nindex.php?page=showalam&ids=16102لشعبة ; وقد احتج بعبد الملك nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في " صحيحه " واستشهد به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ويشبه أن يكونا إنما لم يخرجا حديثه هذا لتفرده به ، وإنكار الأئمة عليه فيه ، وجعله بعضهم رأيا nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء ، أدرجه عبد الملك في الحديث ، ووثقه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي ، وابن معين ، والعجلي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب : لقد أساء nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، حيث حدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، وترك التحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك بن أبي سليمان ، فإن العرزمي لم يختلف أهل الأثر في سقوط روايته ، وعبد الملك ثناؤهم عليه مستفيض ، والله أعلم انتهى كلامه .
أخبرنا المحاربي ، وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن nindex.php?page=showalam&ids=12397إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=14003 : الجار أحق بشفعته }انتهى .
وقوله : قيل : يا رسول الله ، ليس في الحديث ، وفي معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني " قيل [ ص: 422 ] لعمرو بن الشريد : ما السقب ؟ قال : الجوار ، وفي " مسند أبي يعلى الموصلي " قال : الجار أحق بسقبه يعني شفعته ، انتهى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي في " كتابه غريب الحديث " : الصقب بالصاد ، ما قرب من الدار ، ويجوز أن يقال : سقب ، فيكون السين عوض الصاد ; لأن في آخر الكلمة قافا ، وكذا لو كان في آخر الكلمة خاء ، أو غين ، أو طاء ، فيقول : صخر وسخر ، وصدغ وسدغ ، وسطر وصطر ، فإن تقدمت هذه الحروف الأربعة السين لم يجز ذلك ، فلا يقال : خصر وخسر ، ولا قصب ولا قسب ، ولا غرس ولا غرص ، انتهى كلامه .
وفي لفظ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : إنما { nindex.php?page=hadith&LINKID=67538جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود } ، الحديث . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عن [ ص: 423 ] النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وكذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " الموطإ " ، ولو كان ثابتا ، ففي نفي الشفعة بعد الأمرين دليل على ثبوتها قبل صرف الطرق ، وإن حدت الحدود فقد وافق ما رواه الأربعة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المتقدم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=67539الجار أحق بشفعته ، ينتظر به ، وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا }; ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " الموطإ " من حديث ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : الأثبات من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رووه مرسلا ، ثم رفعوه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة
وقوله : فإذا وقعت الحدود ، هو رأي من nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة
الحديث الخامس : { قال عليه السلام : الشريك أحق من الخليط ، والخليط أحق من الشفيع }; قلت : غريب ; وذكره ابن الجوزي في " التحقيق " ، وقال : إنه حديث لا يعرف ، وإنما المعروف ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن هشام بن المغيرة الثقفي ، قال : قال الشعبي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14428الشفيع أولى من الجار ، والجار أولى من الجنب }انتهى .
قال في " التنقيح " : وهشام وثقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : لا بأس [ ص: 424 ] بحديثه ، انتهى . قلت : هذا الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في " مصنفه " عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك به ; وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في " مصنفه في أثناء البيوع " ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية عن nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم عن الشعبي عن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ، قال : الخليط أحق من الشفيع ، والشفيع أحق من الجار ، والجار ممن سواه ، انتهى .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ، قال : الخليط أحق من الجار ، والجار أحق من غيره انتهى .
وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، قال : الشريك أحق بالشفعة ، فإن لم يكن شريك ، فالجار ، والخليط أحق من الشفيع ، والشفيع أحق ممن سواه ، انتهى .