قال : ( ومن
له أمتان أختان فقبلهما بشهوة فإنه لا يجامع واحدة منهما ولا يقبلها ولا يمسها بشهوة ، ولا ينظر إلى فرجها بشهوة ، حتى يملك فرج الأخرى غيره بملك أو نكاح أو يعتقها ) وأصل هذا : أن
الجمع بين الأختين المملوكتين لا يجوز وطئا لإطلاق قوله تعالى: {
وأن تجمعوا بين الأختين }ولا يعارض بقوله تعالى : {
أو ما ملكت أيمانكم }; لأن الترجيح للمحرم ، وكذا لا يجوز الجمع بينهما في الدواعي لإطلاق النص ، ولأن الدواعي إلى الوطء بمنزلة الوطء في التحريم على ما مهدناه من قبل ، فإذا قبلهما فكأنه
[ ص: 151 ] وطئهما ، ولو وطئهما فليس له أن يجامع إحداهما ، ولا أن يأتي بالدواعي فيهما ، فكذا إذا قبلهما ، وكذا إذا مسهما بشهوة أو نظر إلى فرجهما بشهوة لما بيناه ، إلا أن يملك فرج الأخرى غيره بملك أو نكاح أو يعتقها ; لأنه لما حرم عليه فرجها لم يبق جامعا ، وقوله : بملك أراد به : ملك يمين فينتظم التمليك بسائر أسبابه بيعا أو غيره ، وتمليك الشقص فيه كتمليك الكل ; لأن الوطء يحرم به وكذا إعتاق البعض من إحداهما كإعتاق كلها وكذا الكتابة كالإعتاق في هذا لثبوت حرمة الوطء بذلك كله وبرهن إحداهما وإجارتها وتدبيرها لا تحل الأخرى ، ألا ترى أنها لا تخرج بها عن ملكه ، وقوله : أو نكاح أراد به النكاح الصحيح
أما إذا زوج إحداهما نكاحا فاسدا لا يباح له وطء الأخرى إلا أن يدخل الزوج بها فيه ; لأنه يجب العدة عليها ، والعدة كالنكاح الصحيح في التحريم ، ولو
وطئ إحداهما حل وطء الموطوءة دون الأخرى ; لأنه يصير جامعا بوطء الأخرى لا بوطء الموطوءة وكل امرأتين لا يجوز الجمع بينهما نكاحا فيما ذكرناه بمنزلة الأختين .