نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
قال : ( وإن أدرك المرسل الصيد حيا وجب عليه أن يذكيه ، وإن ترك تذكيته حتى مات لم يؤكل ، وكذا البازي والسهم ) ; لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل ; إذ المقصود هو الإباحة ولم تثبت قبل موته فبطل حكم البدل ، وهذا إذا تمكن من ذبحه ، أما إذا وقع في يده ، ولم يتمكن من ذبحه وفيه من الحياة فوق ما يكون في المذبوح لم يؤكل في ظاهر الرواية .

وعن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله: أنه يحل ، وهو قول الشافعي رحمه الله : لأنه لم يقدر على الأصل فصار كما إذا رأى الماء ولم يقدر على الاستعمال ، ووجه الظاهر أنه قدر اعتبارا ; لأنه ثبت يده على المذبح ، وهو قائم مقام التمكن من الذبح ; إذ لا يمكن اعتباره ; لأنه لا بد له من مدة ، والناس يتفاوتون فيها على حسب تفاوتهم في الكياسة والهداية في أمر الذبح فأدير [ ص: 252 ] الحكم على ما ذكرناه ; بخلاف ما إذا بقي فيه من الحياة مثل ما يبقى في المذبوح ; لأنه ميت حكما ، ألا ترى أنه لو وقع في الماء وهو بهذه الحالة لم يحرم ، كما إذا وقع وهو ميت ، والميت ليس بمذبح ، وفصل بعضهم فيه تفصيلا ، وهو أنه إن لم يتمكن لفقد الآلة لم يؤكل ، وإن لم يتمكن لضيق الوقت لم يؤكل عندنا خلافا للشافعي رحمه الله ; لأنه إذا وقع في يده لم يبق صيدا فبطل حكم ذكاة الاضطرار ، وهذا إذا كان يتوهم بقاؤه ، أما إذا شق بطنه وأخرج ما فيه ثم وقع في يد صاحبه حل ; لأن ما بقي اضطراب المذبوح ، فلا يعتبر كما إذا وقعت شاة في الماء بعد ما ذبحت ، وقيل : هذا قولهما ، أما عند أبي حنيفة رحمه الله : فلا يؤكل أيضا ; لأنه وقع في يده حيا فلا يحل إلا بذكاة الاختيار ردا إلى المتردية على ما نذكره إن شاء الله تعالى ، هذا الذي ذكرناه إذا ترك التذكية ، فلو أنه ذكاه حل أكله عند أبي حنيفة رحمه الله ، وكذا المتردية والنطيحة والموقوذة والذي بقر الذئب بطنه وفيه حياة خفية أو بينة ، وعليه الفتوى لقوله تعالى: { إلا ما ذكيتم }استثناء مطلقا من غير فصل ، وعند أبي يوسف رحمه الله : إذا كان بحال لا يعيش مثله لا يحل ; لأنه لم يكن موته بالذبح ، وقال محمد رحمه الله : إن كان يعيش مثله فوق ما يعيش المذبوح يحل وإلا فلا ; لأنه لا معتبر بهذه الحياة على ما قررناه . قال : ( ولو أدركه ولم يأخذه فإن كان في وقت لو أخذه أمكنه ذبحه لم يؤكل ) ; لأنه صار في حكم المقدور عليه .

قال : ( وإن كان لا يمكنه ذبحه أكل ) ; لأن اليد لم تثبت به والتمكن من الذبح لم يوجد . قال : ( وإن أدركه فذكاه حل له ) ; لأنه إن كانت فيه حياة مستقرة فالذكاة وقعت موقعها بالإجماع وإن لم يكن فيه حياة مستقرة ، فعند أبي حنيفة رحمه الله : ذكاته الذبح على ما ذكرناه وقد وجد وعندهما لا يحتاج إلى الذبح .

التالي السابق


الخدمات العلمية