قال : (
وإن جنى جنايتين قيل للمولى : إما أن تدفعه إلى وليي الجنايتين يقتسمانه على قدر حقيهما ، وإما أن تفديه بأرش كل واحد منهما ) لأن تعلق الأولى برقبته لا يمنع تعلق الثانية بها كالديون المتلاحقة ; ألا ترى أن ملك المولى لم يمنع تعلق الجناية فحق المجني عليه الأول أولى أن لا يمنع ، ومعنى قوله على قدر حقيهما على قدر أرش جنايتيهما ( وإن كانوا جماعة يقتسمون العبد المدفوع على قدر حصصهم وإن فداه فداه بجميع أروشهم ) لما ذكرنا ( ولو قتل واحدا وفقأ عين آخر يقتسمانه أثلاثا ) لأن أرش العين على النصف من أرش النفس وعلى هذا حكم الشجات ( وللمولى أن يفدي من بعضهم ويدفع إلى بعضهم مقدار ما تعلق به حقه من العبد ) لأن الحقوق مختلفة باختلاف أسبابها وهي الجنايات المختلفة ، بخلاف مقتول العبد إذا كان له وليان لم يكن له أن يفدي من أحدهما ويدفع إلى الآخر لأن الحق متحد لاتحاد سببه وهي الجناية المتحدة والحق يجب للمقتول ثم للوارث خلافة عنه فلا يملك التفريق في موجبها .
قال : ( فإن
أعتقه المولى وهو لا يعلم بالجناية ضمن الأقل من قيمته ومن
[ ص: 446 ] أرشها ، وإن أعتقه بعد العلم بالجناية وجب عليه الأرش ) لأن في الأول فوت حقه ، فيضمنه وحقه في أقلهما ولا يصير مختارا للفداء لأنه لا اختيار بدون العلم ، وفي الثاني صار مختارا لأن الإعتاق يمنعه من الدفع فالإقدام عليه اختيار منه للآخر ، وعلى هذين الوجهين البيع والهبة والتدبير والاستيلاد ، لأن كل ذلك مما يمنع الدفع لزوال الملك به ، بخلاف الإقرار على رواية الأصل ، لأنه لا يسقط به حق ولي الجناية فإن المقر له يخاطب بالدفع إليه وليس فيه نقل الملك لجواز أن يكون الأمر كما قاله المقر ، وألحقه
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي بالبيع وأخواته لأنه ملكه في الظاهر فيستحقه المقر له بإقراره فأشبه البيع وإطلاق الجواب في الكتاب ينتظم النفس وما دونها وكذا المعنى لا يختلف ، وإطلاق البيع ينتظم البيع بشرط الخيار للمشتري لأنه يزيل الملك ، بخلاف ما إذا كان الخيار للبائع ونقضه ، وبخلاف العرض على البيع لأن الملك ما زال ، ولو باعه بيعا فاسدا لم يصر مختارا حتى يسلمه لأن الزوال به ، بخلاف الكتابة الفاسدة لأن موجبه يثبت قبل قبض البدل فيصير بنفسه مختارا ; ولو باعه مولاه من المجني عليه فهو مختار ، بخلاف ما إذا وهبه منه لأن المستحق له أخذه بغير عوض وهو متحقق في الهبة دون البيع ، وإعتاق المجني عليه بأمر المولى بمنزلة إعتاق المولى فيما ذكرنا ، لأن فعل المأمور مضاف إليه ، ولو ضربه فنقصه فهو مختار إذا كان عالما بالجناية لأنه حبس جزءا منه ، وكذا إذا كانت بكرا فوطئها وإن لم يكن معلقا لما قلنا ، بخلاف التزويج لأنه عيب من حيث الحكم ، وبخلاف وطء الثيب على ظاهر الرواية ، لأنه لا ينقص من غير إعلاق ، وبخلاف الاستخدام لأنه لا يختص بالملك ولهذا لا يسقط به خيار الشرط ، ولا يصير مختارا بالإجارة ، والرهن في الأظهر من الروايات وكذا بالإذن في التجارة وإن ركبه دين ، لأن الإذن لا يفوت الدفع ولا ينقص الرقبة إلا أن لولي الجناية أن يمتنع من قبوله لأن الدين لحقه من جهة المولى فلزم المولى قيمته .