المسألة الرابعة : في الكتاب : يمنع
شهادة الكافر على المسلم أو الكافر من أهل ملتهم أو غيرها . وفي وصية ميت مات في سفره ، فإن لم يحضره مسلمون ، وتمتنع شهادة نسائهم في الاستهلال والولادة ، ووافقنا ( ش ) ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : تجوز
شهادة أهل الكتاب في الوصية في السفر إذا لم يكن غيرهم ، وهم ذمة ، ويحلفان بعد العصر : ما خانا ولا كتما ، ولا اشتريا به ثمنا ولو كان ذا قربى ، ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ، واختلف العلماء في تأويل الآية ، فمنهم من حملها على التحمل دون الأداء ، ومنهم من قال : المراد بقوله تعالى : (
من غيركم ) أي من غير عشيرتكم ، وقيل : الشهادة في الآية : اليمين ، ولا يقبل في غير هذا عند
أحمد ، وقال ( ح ) : يقبل اليهودي على النصراني ، والنصراني على اليهودي مطلقا ; لأن الكفر ملة واحدة ، وعن
قتادة وغيره : تقبل على ملته دون غيرها . لنا : قوله تعالى : (
فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة )
[ ص: 225 ] وقال - صلى الله عليه وسلم - : (
لا تقبل شهادة عدو على عدوه ) ، وقياسا على الفاسق بطريق الأولى ، ولأن الله تعالى أمر بالتوقف في خبر الفاسق وهو أولى ، والشهادة آكد من الخبر ، وقوله تعالى : (
وأشهدوا ذوي عدل منكم ) ، وفي الحديث : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (
لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دينهم إلا المسلمون ، فإنهم عدول عليهم وعلى غيرهم ) ، ولأن من لا تقبل شهادته على المسلم لا تقبل على غيره ، كالعبد وغيره ، احتجوا : بقوله تعالى (
شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ) معناه : من غير المسلمين من أهل الكتاب . وروي عن
أبي موسى وغيره : وإذا جازت على المسلمين جازت على الكافر بطريق الأولى . وفي الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349754أن اليهود جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعهم يهوديان ، فذكرت له - صلى الله عليه وسلم - ، وظاهره : أنه رجمهما بشهادتهم ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2005008إن شهد منكم أربعة رجمتهما " . ولأن الكفار من أهل الولاية لأنه يزوجه أولاده ، ولأنهم يتداينون في الحقوق لقوله تعالى : (
ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ) .
والجواب عن الأول : أن
الحسن قال : من غير عشيرتكم ، وعن
قتادة : من غير خلقكم ، فما تعين ما قلتموه ، أو معنى الشهادة : التحمل ، ونحن نجيزه ،
[ ص: 226 ] أو اليمين ، لقوله تعالى : (
فيقسمان بالله ) كما قال في اللعان ، أو لأن الله تعالى خير المسلمين وغيرهم ، ولم يقل به أحد فدل على نسخه .
وعن الثاني : أنهم لا يقولون به ; لأن الإحصان من شرطه الإسلام مع أنه يحتمل أنهما اعترفا بالزنا فلم يرجمهم بالشهادة .
وعن الثالث : أن الفسق وإن نافى الشهادة عندنا ، فإنه لا ينافي الولاية ; لأن وازعها طبعي بخلاف الشهادة وازعها ديني فافترقا ، ولأن تزويج الكفار عندنا فاسد ، والإسلام يصححه .
وعن الرابع : أنه معارض بقوله تعالى في آخر الآية : (
ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) فأخبر تعالى أنهم يستحلون مالنا ، وجميع أدلتكم معارضة بقوله تعالى : (
أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فنفى تعالى التسوية ، فلا تقبل شهادتهم ، ولا حصلت التسوية ، وبقوله تعالى : (
لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ) ، قال الأصحاب : وناسخ الآية قوله تعالى : (
وأشهدوا ذوي عدل منكم ) .
فـرع مرتب :
من النوادر : لو
رضي الخصمان بشهادة كافر أو مسخوط ، ولا يحكم الحاكم بذلك ، قاله
ابن القاسم .