الثاني في الكتاب : إذا اشترى المأذون أمة بإذن سيده أم لا فعتق لا تكون أم ولد له بما ولدت قبل عتقه ، ولا تحمل جنين العتق ; لأنه رقيق لسيده إلا أن يملك المأذون حملها قبل الوضع ، وإن أعتقها بعد عتقه لم يتعجل لها ذلك ، وحدودها حدود الأمة حتى تضع فيرق الولد للسيد الأعلى وتعتق هي بالعتق الأول ، وما
ولد للمكاتب أو المدبر من أمته مما حملت به بعد التدبير أو الكتابة بمنزلته يعتق مع عتقه . وتكون أم ولد بذلك لهما كان الولد الأول حيا أم لا ، وعن
مالك : لا تكون بذلك أم ولد ، وقاله أكثر الرواة في المدبر خاصة ; لأن للسيد انتزاعها ، وليس للمدبر بيع أم ولده في حياة سيده إلا بإذنه ، وإن
مات عن ولد حدث في تدبيره من أمته ، ثم مات السيد فهي أم ولد ، وما ترك من مال السيد لأنه رقيق ، ويعتق ولده في ثلث سيده بعد موته . في التنبيهات : تأول
أبو محمد وغيره أن المدبر ملك الحمل بهبة أو ميراث لا بشراء لتعذر الشراء للغرر إلا أن يفوت بالوضع ، فتكون به أم ولد ، فقيل ينقص قبل الولادة : وقيل بتمام الشراء تمت حريته ففات النقص ، وقيل : يجوز الشراء هاهنا للضرورة ورفع التحجير ، وروى
أشهب : لا تكون به أم ولد مطلقا . في النكت : إنما لم يمض عتق المأذون الذي أعتقه السيد في أمته الحامل ويعتق جنينها بخلاف من أعتق أمة قد وهب جنينها لرجل ; لأن السيد ملك الجنين ملكا أصليا فلم يبطل ملكه بعتق المأذون الأمة ، وواهب الجنين ليس له ملك أصلي ، قال
التونسي : إن
وهب جنين أمة لرجل ورقبتها للآخر فأعتق الموهوب له الأمة قيل : عتقه ثابت ولا شيء لصاحب الجنين ، كما لو وهب جنينها لرجل ، ثم أعتقها أو أعتقها ورثته
[ ص: 345 ] بعد موته ، وقيل : عليه قيمة الجنين يوم تضعه ، ويجوز عتقه فيه ، وقيل : عتقه الأمة موقوف حتى تضع ، قال
ابن يونس : إذا
اشترى المأذون زوجته حاملا منه ، ثم أعتقه السيد تبعه الولد وأمه ; لأنه كماله هاهنا ، ويعتق عليه وتكون له بذلك أم ولد بخلاف الذي يولد أمة نفسه ; لأن هذا الولد كأمه ، لأنه من نكاح ، وأمه صارت بالشراء أمة للعبد ، فكذلك ولدها ألا ترى أنهما يباعان عليه في الدين ، وولد أمته كنفسه عند السيد ، قال
أشهب : لا تكون أم ولد بما حملت بعد التدبير والكتابة وعتق الأجل ، وإن ولدته بعد تمام الحرية في الأب إلا أن للولد حكم الأب وإن شك في الحمل فإن
ولدته لأقل من ستة أشهر من تمام عتق الأب لم تكن له أم ولد ; لأن ما في بطنها لم يملكه الأب وجرى لغيره فيه حرية ، وإن مات السيد عتق المدبر مع ولده وما في بطن أم ولده بالحصص ، فإن خرجوا بقيت أمة المدبر أم ولده على الخلاف ، وإن عتق بعضهم بقيت له رقيقا ، وإن أولدها بعد ذلك لك تكن أم ولد ; لأن نصفه رقيق ، وإن أعتق باقيه وهي حامل منه لم تكن له أم ولد بخلاف المعتق إلى أجل يعتق وأمته حامل منه تكون له أم ولد ; لأنه كتمام الأجل فيه ، وإن مات قبل الأجل رقت ، وكان ولدها معتقا إلى أجل ، فالأجل فيه كموت السيد في المدبر ، وموته قبل الأجل كموت المدبر قبل سيده .
قال صاحب المقدمات في
المدبر والمكاتب والمعتق إلى أجل تلد إماؤهم : هل يكن أمهات أولاد إذا أفضوا إلى الحرية ؟ ثلاثة أقوال ، ثالثها : الفرق بينهما وبين المعتق وهو مبني على أن إماءهم هل لهن حرمة بالإيلاد منهم أو لا قولان ، وإذا قلنا : لهن حرمة فإنهن يكن أمهات أولاد بما حملن به بعد هذه العقود إذا أفضوا
[ ص: 346 ] إلى الحرية ، وإن وضعن قبل الإفضاء اتفاقا ، ومن حملن به قبل ذلك ووضعنه بعده بأن يطأ زوجة فتحمل قبل الكتابة أو التدبير أو العتق إلى أجل فيشتريها حاملا بعد العقد فلا تكون أم ولد ، إلا على قول من يرى أن الحر إذا اشترى امرأته حاملا تكون به أم ولد وفيه قولان ، وإن قلنا : لا حرمة لهن ، فهن كأمة العبد تلد من سيدها إلا أن تنقضي هذه العقود ويخرجون للحرية ، وإماؤهم حوامل فيملكون ذلك الحمل عند
ابن القاسم خلافا
لأشهب ، وفي المنتقى : إذا قلنا بحرمة استيلاد المدبر لم ينتزعها السيد كانت حاملا أو لا ، وإن قلنا بعدم الحرمة انتزعها غير حامل ، ولا ينتزعها حاملا اتفاقا ، لدخول الولد في التدبير ، وهذا الخلاف يجري في أم الولد للمعتق إلى أجل .