[ ص: 25 ] الرابع : في
التأخير والتعجيل قال في الكتاب : أحب إلي أن يصلي الظهر في الشتاء والصيف والفيء ذراع كما أمر به
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - واستحب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله -
التعجيل أول الوقت ،
أبو حنيفة التأخير إلى آخر الوقت للفذ والجماعة . لنا أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إلى عماله : إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ، ثم كتب أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا إلى أن يكون ظل أحدكم مثله . حجة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ما في الموطأ أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري أن صل الظهر إذا زاغت الشمس ، وعن
أبي داود كان - عليه السلام - يصلي الظهر إذا زالت الشمس وكان يشعر بالدوام والعادة ، وفيه أيضا سئل - عليه السلام عن
أفضل الأعمال فقال : الصلاة لأول وقتها . حجة
أبي حنيفة ما في الموطأ أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة سئل عن أول وقت الصلاة فقال : للسائل صل الظهر إذا كان ظلك مثلك ، والعصر إذا كان ظلك مثليك .
وجواب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن كتابه
nindex.php?page=showalam&ids=110لأبي موسى الأشعري تحذير عن قبل الزوال أو يخصه بذلك في نفسه جمعا بين كتابته ، وعن الثاني أن نعلم أن الأذان بعد الزوال ; لاجتماع الناس
[ ص: 26 ] والنفل ، وهذه سنة السلف .
وجواب
أبي حنيفة عما في الموطأ عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه سئل عن وقت الصلاة ، لعل ذلك كان في زمن الشتاء إذا كان ظل الزوال كذلك ، أو لعله سئل عن آخر الوقت فلا يكون بينه وبين قول
عمر خلاف بل قول
عمر أرجح ; لكونه إمام المسلمين ، وأكثر فحصا عن دينهم ، وأما قوله : والفيء ذراع فالفيء لا يقال إلا بعد الزوال ; لأن الظل يفيء للزيادة بعد النقصان أي : يرجع وأما الذراع فقال
التونسي : هو ربع القامة فإنه الغالب من كل إنسان ، قال صاحب الطراز : علة ذلك اجتماع الناس ، وأما الفذ فظاهر قوله أنه لا يؤخر وكذلك نص عليه
ابن أبي زيد في الرسالة وهو قول
ابن حبيب والعراقيين فيه وفي الجماعة المتوفرة ، وروى
ابن القاسم أنه يؤخر قليلا ; لأن مساجد الجماعات أصل في الصلوات وما عداهم تبع لهم .
فرع : مرتب
قال صاحب الطراز : ظاهر الكتاب أن الذراع لا يزاد عليه ; لشدة الحر لذهابه به وقال
أشهب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : يؤخر ذراعين لما في
أبي داود أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348412شدة الحر من فيح جهنم ، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة . قال
أبو داود : حتى رأينا الفيء في التلول .
ومعنى الإبراد : الدخول
[ ص: 27 ] في وقت البرد نحو أتهم وأنجد ، إذا دخل
تهامة ونجدا ، وأصبح وأمسى إذا دخل في الصباح والمساء ، والتلول : جمع تل وهو الرابية ، وفيح جهنم : انتشار حرها وأصله السعة ومنه مكان أفيح وأرض فيحاء أي : واسعة ويحتمل أن يكون ذلك من جهنم حقيقة كما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348413أن النار اشتكت إلى ربها أن قد أكل بعضي بعضا فأذن لها في نفسين : نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فأشد ما تجدونه من الحر في الصيف فهو من نفسها ، وأشد ما ترونه من البرد في الشتاء فهو منها ، وقيل : أراد التشبيه واختلف في إبراد الفذ ، فقال
ابن حبيب : لا يبرد ، واشترط
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في
الإبراد أربعة شروط : الاجتماع في المسجد ، وشدة الحر ، والبلاد الحارة
كالحجاز وبعض
العراق ، واختلف قوله في إتيان الناس المسجد من بعد ، واختار
الباجي إلحاق الفذ بالجماعة بجامع الحر المشغل عن مقاصد الصلاة قال : كالأحوال النفسانية نحو إفراط الجوع والعطش إذا حضرت الصلاة معهما .
فرع
قال صاحب الطراز : قال
مالك في المبسوط : لا
تؤخر العصر عن وقتها مثل الظهر ، قال
الباجي : وهو قول الجمهور من أصحابنا ; لأنها تدرك الناس متأهبين بخلاف الظهر فإنها تأتي وقت قائلة ودعة ، وسوى في التلقين بينهما وهو قول
أشهب في النوادر ; لتحصيل فضيلة الجماعة ، وروى
مالك ومسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348414الذي تفوته صلاة العصر فكأنهما وتر أهله وماله ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا ، وأخذت ماله ، وقال
[ ص: 28 ] الخطابي وتر : نقص وبقي وترا ، ولأن النفل بعدها ممنوع فتؤخر حتى يتنفل الناس وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأبو حنيفة : تؤخر ما دامت الشمس نقية وأما المغرب فيتعجل أول وقتها للعمل ، ولأن الأصل المبادرة إلى طاعة الله تعالى ، وأما
العشاء فقال صاحب الطراز : يستحب تأخيرها ; لئلا تفوت الناس بسبب اشتغالهم بأعشيتهم ، ولا تؤخر جدا وقد أنكر في الكتاب تأخيرها إلى ثلث الليل خلافا ( ش ، ح ) وروى
العراقيون تأخيرها لذلك لما في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=10348415عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : مكثنا ذات ليلة ننتظر النبي ; لصلاة العشاء ، خرج علينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده فلا أدري أشيء شغله في أهله أو غير ذلك ؟ فقال حين خرج : إنكم تنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا أن يثقل على أمتي ; لصليت بهم هذه الساعة ، ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة وهذا الحديث كما يدل على جواز التأخير ، يدل على ترك التأخير ; لانتفاء ذلك فإن " لولا " تدل على انتفاء الشيء لوجود غيره ، ولقول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فلا أدري أشيء شغله ؟ فإنه يدل على أن عادتهم خلاف ذلك ، وفي الجواهر قيل تقديمها أفضل ، وقال بعض المتأخرين : بالتقديم إن اجتمع الناس ، وينتظرون إن أبطأوا ، واستحب
ابن حبيب تأخيرها في زمن الشتاء قليلا ; لطول الليل . وفي ليالي رمضان أكثر من ذلك توسعة على الناس في الإفطار وأما
الصبح فتعجيلها أفضل على ظاهر الكتاب عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي خلافا ( ح ) محتجا بأن الواقع من التغليس كان لضرورة أنهم أرباب ضرورات في أعمالهم وفلاحتهم وأن الأصل
[ ص: 29 ] التأخير لما في
الترمذي nindex.php?page=hadith&LINKID=10348416أسفروا بالفجر ، فهو أعظم للأجر . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=10348417عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه صلى حين طلع الفجر ، ثم قال : ما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الصلاة هذا الوقت إلا في هذه الليلة في هذا المكان يعني يوم الجمع في الحج . لنا ما في
مسلم سئل عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348418أي الأعمال أفضل فقال : الصلاة لأول وقتها . وما في
أبي داود nindex.php?page=hadith&LINKID=10348419أول الوقت رضوان الله ، وآخره عفو الله . وما في الموطأ عن
عائشة - رضي الله عنها -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348420كان نساء مؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن ما يعرفن من الغلس . والتلفع : التلفف ، والمرط : الكساء الغليظ ، وكان يشعر بالدوام ، ولقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348421إن بلالا يؤذن ليلا فكلوا ، واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ولولا التغليس لما حسن تقديم الأذان ، وفي
أبي داود أنه - عليه السلام -
أسفر مرة بالصبح ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله . والجواب عن قوله - عليه السلام -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348423أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ، أنه محمول على تعدي وقت الظن إلى وقت اليقين ودليله قوله
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348424أسفروا بالفجر ، ولم يقل أسفروا بالصلاة وعلى هذا يحمل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود إذا ثبت أن التغليس أفضل ، قال صاحب الطراز : فعلها مع الجماعة في الإسفار أفضل من التغليس منفردا ; لأن فضيلة الجماعة مقدمة على فضيلة الوقت ، بدليل
الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر .
[ ص: 30 ] تمهيد
الأصل أن
المبادرة إلى طاعة الله تعالى في سائر الأحوال أفضل لما فيه من إظهار الطواعية والأمن من تفويت مصلحة العبادة ، إلا أن يقوم معارض راجح كالحر ، فإن الإبراد مقدم على مصلحة العبادة ; لأن المشي في الحر الشديد يذهب الخشوع الذي هو أفضل أوصاف الصلاة ولهذا أمرنا
بالمشي إلى الجماعة بالسكينة والوقار ، وإن فاتت المبادرة وصلاة الجماعة ، وبركة الاقتداء وهذا عممه الشرع في سائر الصلوات ولذلك قال صاحب القبس : إذا
تعارض الشغل والصلاة فالأخيار من العلماء على تقديم الشغل ; ليتفرغ للخشوع ، وقال غيره : ينبغي أن تؤخر الصلاة بكل مشوش ، ويؤخر الحاكم الحكم لأجله كإفراط الظمأ والجوع والحقنة ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348425إذا حضر العشاء والصلاة ، زاد nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : وأحدكم صائم فليبدأ بالعشاء .
تتمة
قال في الكتاب : لم أر
مالكا يعجبه هذا الحديث الذي جاء :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348426إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته ولما فاته من وقتها أعظم من الدنيا وما فيها ; لأنه كان يرى الناس يؤخرون الصلاة حتى يتمكن الوقت ، قال صاحب الطراز : يريد لم يكن يأخذ بعمومه لكن يراعي أول الوقت في الجملة ; ولأن راوي هذا
[ ص: 31 ] الحديث من
المرجئة ، فلا يأخذ
مالك بحديثه .