النوع الرابع والعشرون :
ترك الإنسان ما لا يعنيه
وفي " الجواهر " : لا ينبغي للإنسان أن يرى إلا محصلا حسنة لمعاده ، أو درهما لمعاشه ، ويترك ما لا يعنيه ، ويتحرس من نفسه ، ويقف عما أشكل عليه ، ويقلل الرواية جهده ، وينصف جلساءه ، ويلين لهم جانبه ، ويلتزم الصبر ويصفح عن زلة جليسه ، وإن جالس عالما نظر إليه بعين الإجلال ، وينصت له عند المقال ، وإن راجعه راجعه تفهما ، ولا يعارضه في جواب سائل سأله ، فإنه يلبس بذلك على السائل ، ويزري بالمسئول ، وبقدر إجلال الطالب للعالم ينتفع به ، ومن ناظره في علم فبالسكينة ، والوقار ، وترك الاستعلاء ، وحسن التأني ، وجميل الأدب معينان على العلم ، والعالم أولى الناس بصيانة نفسه عن الدناءة ، وإلزامها الخير ، والمروءة ، ولا يجلس مجلسا لا يليق به ، فإن ابتلي بالجلوس فليقم بحق الله تعالى في إرشاد من استحضره ووعظه ، ولا يتعرض منه حاجة لنفسه ، ومن إجلال الله تعالى إجلال العالم العامل ، والإمام المقسط ، ومن سمة العالم أن يعرف زمانه ، ويقبل على شأنه حافظا للسانه متحذرا من إخوانه ، فلم يؤذ الناس قديما إلا معارفهم ، والمغرور من اغتر بمدحهم .