الفصل الثالث : في
نقصان الأقوال .
وفيه ثمانية فروع :
الأول : تكبيرة الإحرام ، وقد تقدم الكلام عليها في الأركان .
[ ص: 310 ] الثاني ، قال صاحب الطراز : لو
ذكر قبل الركوع أنه سها عن الفاتحة ، قرأها ويعيد السورة على مذهب الكتاب و ( ش ) ، وقال في المجموعة لا يعيدها لحصولها قبل ، والترتيب من باب الفضيلة ; وأما المستنكح فلا يعيدها ; وحيث قلنا بالإعادة فلا يسجد عند
مالك و ( ش ) ; لأن زيادة القراءة مشروعة لا يبطل الصلاة عمدها خلافا
لسحنون ; فإن لم يذكر حتى ركع ورفع أو سجد سجدة ، فأربعة أقوال : روى
ابن القاسم : يرفع فيقرأ ويسجد بعد السلام ; بناء على إلغاء الركعة ، ويفعل ذلك ويعيد الصلاة عند
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون احتياطا ; لأن من يقول : لا يجزيه سجود السهو يبطل الصلاة ويقطع بسلام - قاله
ابن القاسم ، يبني على الصحة ويتمادى ويسجد قبل السلام - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ; فإن ذكر بعد السجدتين ، فأربعة أقوال : يضيف لهذه الركعة أخرى ويسلم بعد أن يسجد قبل السلام - قاله
ابن القاسم ، ويتمادى ويسجد قبل السلام ويفعل ذلك ، ثم يعيد ويلغي الركعة ويجعل الثالثة ثانية في القراءة والجلوس ، ويسجد بعد السلام ، وكذلك الحكم إن ذكر في الثانية ; فإن ذكر وهو راكع في الثالثة أنه أسقطها من إحدى الأوليين فخمسة أقوال : يتمادى ويسجد قبل السلام ، ويفعل ذلك ويعيد الصلاة ; ويجعل الثالثة ثانية ويجلس ويكمل ، ويسجد قبل السلام لترك السورة من هذه الثانية ; ويتمادى على صلاته ويقضي ركعة بالحمد وسورة ، ويسجد بعد السلام ; ويرجع إلى الجلوس ويسجد ويسلم يجعلها نافلة - قاله
ابن القاسم ; فإن لم يذكر حتى رفع من الثالثة أو في الرابعة أو التشهد ، فأربعة أقوال : يسجد قبل السلام - قاله
ابن القاسم ; قال
ابن حبيب : ولم يختلف في ذلك أصحاب
مالك ، ويفعل ذلك ويعيد الصلاة - قال وهو ظاهر المذهب ; وقد قال
ابن القاسم في الكتاب : كان
مالك يحب أن يعيد إذا
ترك القراءة من ركعة واحدة في خاصة نفسه من أي الصلوات كانت ، ثم قال : أرجو أن يجزئه سجود
[ ص: 311 ] السهو وما هو بالبين ; ويأتي بركعة بالحمد فقط بناء على الإلغاء وجعل الثالثة ثانية ، ويسجد قبل السلام لترك الجلوس وهو المعروف من المذهب على القول بالإلغاء ; ويأتي بركعة بالحمد وسورة ، ويسجد بعد السلام بناء على القضاء في الركعة ; ولو ترك القراءة في الثانية ولم يذكر حتى ركع ; ففيها الأقوال التي في الأولى إلا قول
ابن القاسم ، فإنه قال هاهنا يتمادى ; بخلاف الأولى لقوله العمل هاهنا بالكثرة ، ولا فرق عنده في الثانية بين أن يذكر ذلك في ركوعها أو سجودها أو قبل ركوع الثالثة ، فإنه يتشهد ويجعلها نافلة ; فلو ترك القراءة من الأخيرتين ، كان كالترك من الأوليين ; ولو ترك في ركعة من الأخيرة ، فثلاثة أقوال : يسجد ويعيد ، يسجد فقط ، يأتي بركعة ويسجد بعد السلام .
سؤال : قال
ابن القاسم في القراءة لا يتمادى ، وفيمن
نسي تكبيرة الإحرام وكبر للركوع ، يتمادى مع الإمام والكل مختلف فيه .
جوابه : أنه احتياط في الصورتين ، أما في القراءة فلأن البناء على الصحة أحوط ; فإن كل قائل يقول ببطلان الصلاة باعتبار السجود أو باعتبار زيادة ركعة ، أو باعتبار ترك المجموع ، بخلاف الإحرام .
فرع
لو
ترك آية من الفاتحة ، ففي الجواهر قال
القاضي إسماعيل على المذهب : يسجد قبل السلام ، وقيل : لا يسجد .
الثالث ، قال
ابن القاسم في الكتاب : إذا
تعمد ترك السورة في الأوليين يستغفر
[ ص: 312 ] الله ولا سجود عليه ، وهو قول ( ح ش ) ; لما في
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348655من قرأ أم القرآن أجزت عنه ، ومن زاد فهو أفضل . وفي الجلاب : يسجد قبل السلام ، ويجزيه ويعيد الصلاة أبدا وهو قول
عيسى في العمد والجهل ; فرأى
ابن القاسم أن السجود إنما شرع لوصف السهو لقوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348646لكل سهو سجدتان - فلا يسجد - للعمد . ورأى غيره أنه يشرع لجبر الخلل ، وهو مشروع في الحالتين ; قال صاحب الطراز : فلو ترك بعض السورة فلا سجود اتفاقا ، وفي الكتاب : لا يقضي قراءة ركعة في ركعة .
الرابع في الكتاب : إذا
سها عن التشهد أو التشهدين ، سجد - إن ذكر . وإلا فلا شيء عليه . قال صاحب الطراز : إن ذكر قبل السلام تشهدا أو بعده - وهو قريب - رجع إلى الصلاة بإحرام قولان ، ويسجد بعد السلام . والتشهد عند
مالك أخف من غيره ، فإن كان مأموما وذكر قبل سلامه وبعد سلام إمامه - وقيامه ; قال
ابن القاسم : يتشهد ويسلم ، فإن قام إمامه ، فلا يتشهد ولا شيء عليه .
تنبيه
كيف يقول في الكتاب : إن سها عن التشهدين سجد قبل السلام مع أنه إنما يتحقق سهوه عن التشهد الأخير - إذا سلم ؟ فإن قيل : السلام كله مكمل للتشهد ، فتصوره مشكل جدا ، وكذلك قول صاحب الجلاب : ووجوب سجود
[ ص: 313 ] السهو عن فعل
كترك الجلسة الوسطى وما أشبهها ، وليس في الصلاة شيء يشبه الجلسة الوسطى من الأفعال في إيجاب السجود ، والجواب : يتصور ذلك في ثلاث مسائل : في
الراعف المسبوق بركعة خلف الإمام ،
والمقيم المسبوق يصلي خلف مسافر ،
والمقيم يصلي صلاة الخوف - خلف إمام مسافر ، فيجتمع لهؤلاء المسبوقين القضاء وهو ما فاتهم قبل الإحرام والبناء - وهو ما فاتهم بالرعاف ; ومذهب
ابن القاسم تقديم البناء ، فيأتون بركعة ويجلسون لأنها ثانيتهم ، وبأخرى ويجلسون لأنها رابعة إمامهم ، وبأخرى ويجلسون ، لأنها آخر صلاتهم ، فإذا سهوا عن جلستين من هذه الجلسات ، تصورت هذه المسائل في السهو .
الخامس في الكتاب : إذا
سها عن أكثر من تكبيرتين سجد ، وإلا فلا . وفي الجلاب عن
ابن القاسم يسجد . ومنشأ الخلاف : النظر إلى أن التكبير كلمتان فتخف الواحدة منهما ، أو إلى كونها مشروعة محدودة فيسجد .
السادس قال في الكتاب : إذا
أبدل سمع الله لمن حمده بالتكبير أو بالعكس يرجع إلى المشروع ، وإلا سجد قبل السلام ; وإن نسي واحدة منهما ، فذلك خفيف ; قال صاحب الطراز : معناه ترك موضعين وأبدلهما ، فلم يثبت البدل لعدم مشروعيته ; فإن أبدل موضعا واحدا ، فالمروي لا شيء عليه ، ويتخرج
[ ص: 314 ] على القول بالسجود للتكبيرة الواحدة السجود ; ولو رجع إلى التحميد ، والتكبير فظاهر الكتاب لا شيء عليه ; وقيل : يسجد بعد الزيادة - وهو يظهر على قول
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون - أن الذكر في غير محله زيادة ، فيراعى زيادة اثنتين ، كما يراعى نقصانهما ; قال : ومن يراعي نقصان تكبيرة ، أمكن أن يراعي زيادتها بطريق الأولى لانفصال سجود الزيادة عن الصلاة ; قال : والمذهب
لا سجود لزيادة التكبير والتحميد ; لأنه لا تبطل الصلاة عنده ; فإن فات المحل ، قال بعض الشيوخ : إن حمد لانحطاطه وكبر لرفعه ، يأتي بتكبير ينوي به الخفض ، وتحميد ينوي به الرفع ; وخالفه كثير من الشيوخ لأجل الفوت . وأما قوله : يسجد قبل السلام ; فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم : يعيد خوف الزيادة في الصلاة بالسجود قبل .
السابع قال صاحب الطراز : لو
أسر فيما يجهر فيه ، سجد قبل السلام ; إلا أن تكون الآية ونحوها خلافا ( ح ش ) . لنا قوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348646لكل سهو سجدتان . فلو كثر ذلك فأعاد القراءة جهرا ، فروى
أشهب : لا سجود عليه ; وروي عن
ابن القاسم قبل لترتب السجود عليه أولا ; وروي عن
مالك أنه يسجد إذا أسر بعد جهر من الزيادة في الصلاة ، فالسجود لقوة الاختلاف في ذلك .
الثامن : قال
ابن القاسم في الكتاب : إذا
شك : هل سلم أم لا ؟ يسلم ولا سجود عليه . قال صاحب الطراز : فلو سها عن السلام ولم يعتقد أنه سلم وطال الجلوس جدا ، ثم ذكر فسلم ; فظاهر المذهب لا سجود ; وفي كتاب ابن
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يسجد لزيادة الطول ، فإن اعتقد أنه سلم ، ثم ذكر وهو باق في موضعه - لم ينحرف عن القبلة - ولم يحدث ما ينافي الصلاة ، سلم ولا شيء عليه ; فإن تحول عن
[ ص: 315 ] القبلة وهو قريب استقبلها بغير إحرام وسلم من غير تشهد ، ويسجد بعد لزيادة التحول ; وإن تباعد أو أحدث ابتدأ صلاته ; ويختلف في السجود إذا تغير عن هيئته ، وفي الإحرام كما إذا قام ; وإذا قلنا يكبر إذا قام ، قال
مالك : يكبر ثم يجلس ; لأن مشروعية الإحرام في القيام ، وقال
ابن القاسم : يجلس ويكبر ويتشهد ويسلم ويسجد بعد السلام ; ليتصل التكبير بالحالة التي فارق فيها ; فإن أحرم بنافلة ، رجع إن لم يركع على المشهور ، كما يرجع للسجود قبل أن يركع ،
ولمالك تبطل صلاته ; لأن إحرام النافلة يبطل إلا بسلام - وهو مبطل للفريضة ; فإذا قلنا يرجع فلم يذكر حتى ركع ، قال
ابن القاسم : يرجع ; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : لا يرجع ، والمشهور الرجوع إذا خرج من المكتوبة إلى النافلة - ولو صلى ركعتين .