الفصل الثالث : في هبته ، وفي الكتاب : إذا
وهبته للزوج بعد القبض أو قبله ، وهي نافذة التصرف ، فلا رجوع لها ، أو بعضه فلها نصف ما بقي ، أو لأجنبي قبل القبض نفذت الهبة إن حملها ثلثها ، وإن زاد على الثلث بطل الجميع ; لأن المرأة محجور عليها بسبب الزوج في مالها ، إلا في الثلث فيكون هذا التصرف باطلا إلا أن يجيزه الزوج ، وإن لم يقبضه الموهوب له حتى طلقت موسرة قبل البناء أخذه من الزوج لذهاب الحجر ، ورجع الزوج عليها بنصفه أو معسرة حبس الزوج نصفه ودفع نصفه ، ولو قبضه كله قبل الطلاق لم يرجع الزوج بشيء كانت موسرة يوم الهبة أو معسرة أو الآن ، ويتبعها الزوج بنصفه كما لو هلك بسببها عندها ، وقال غيره : إن كانت موسرة يوم الهبة ولم تقبضه حتى طلقت لم ينظر لعسرها يوم الطلاق ، ويدفعه الزوج للموهوب ، ويتبعها بنصفه نظرا إلى حالة
[ ص: 359 ] التصرف ، وقال
ابن يونس : في كتاب
محمد إذا
وهبته لزوجها قبل البناء لا يدخل بها حتى يعطيها ربع دينار لئلا يعرى البضع من الصداق ، أو بعد البناء فلا شيء لأحدهما على الآخر ، قال صاحب النكت : إذا لم يقبضه حتى طلق الزوج وروعي عسرها ويسرها يوم الطلاق ، ولا ينظر إلى ثلثها إن كانت حاملا ، وإنما يراعى عسرها بذلك القدر فقط لزوالها عن عصمة الزوج ، وعلى قول الغير في اعتبار يسرها يوم الهبة ينظر إلى الثلث ; لأنه وقت للتزويج ، وفي الجواهر : إذا
وهبته جملته ثم طلقها قبل البناء لم يرجع عليها بشيء ، كأنها عجلت إليه ما تستحقه بالطلاق ، وإذا
وهبته لأجنبي وقبضه ورجع الزوج عليها فهل يرجع على الموهوب كواهب المستحق أم لا ؟ لأنها وهبت وهي عالمة بتوقع الارتجاع ، وكما أنها لا تنقض البيع فكذلك هاهنا ، وإن لم يقبضه الموهوب له حتى طلقت أجبرت على الإقباض إن كانت موسرة يوم الطلاق ; لأنها قادرة على تعويض الزوج ، ولا تجبر إن كانت معسرة يوم الهبة والطلاق ، فإن كانت موسرة يوم الهبة معسرة يوم الطلاق ، قال
ابن القاسم : تجبر ، وقال غيره : لا تجبر ، وهو على الخلاف في استقرار ملكها ، ولو
خالعته قبل البناء بنصفه كان لها نصف ما بقي أو جملته ؛ فلا شيء لها ، وكذلك عين غيره ; لأن المخالعة بغيره دليل على إسقاطه ، وترده إن كانت قبضته ، وقال
أصبغ : إن قبضته فلا ; لأنه من جملة أموالها إلا أن يشترط رده ، أو بما أقل من الصداق رجعت بنصف الصداق .
[ ص: 360 ] فرع
قال
اللخمي : إن
تزوجته على أن يهب عبده لفلان فطلق قبل البناء رجع على الموهوب له بنصفه إن كان قائما ، وإن هلك فنصف قيمته عند
أشهب ، ولا شيء عليه عند
محمد ; لأنه لو هلك بيد المرأة سقط ، وإن حدث به عيب أخذ نصفه معيبا ، وإن باعه الموهوب بنصف الثمن أو أعتقه أو وهبه عالما بأنه صداق فنصف قيمته يوم التصرف ، وإلا فلا شيء عليه ، ولا يرد العتق ; لأنه مكن من ذلك ، واستحسن رد الهبة ، وإن كان طعاما أكله أو ثوبا لبسه للتهمة في العادة . فرع
قال
ابن يونس : قال
ابن القاسم : من
تزوج بكرا بمائة فأعطتها من عندها فعلم الأب ثبت النكاح لوجود التسمية ، ويردها ، ومن
أعطته امرأة مالا على أن يتزوجها إن كانت ثيبا وزادها ربع دينار على عطيتها جاز أو بكرا ولم يبن بها ، فإن أتم الصداق وإلا فسخ ، أو بنى فصداق المثل ، ثم رجع فقال : لا يفسخ بنى أم لا ، ويعطي البكر من ماله مثل عطيتها ، ويزيد الثيب ربع دينار ، وأما رد المهر إلى الزوج ، فقال
أبو عمران : هو نكاح وسلف لا يجوز إن وقعت العيبة على النقد ، وإن لم يعب واشترط ذلك كان العقد صحيحا ، وإذا فسد ثبت بعد البناء وفسخ قبله ; لأن فساده في صداقه ، ولها صداق المثل .