فرع
في الكتاب : إذا
اشترى ثوبين فضاعا في أيام الخيار ، ولم يتصدق لزماه بالثمن ; لأن يده غير مؤمنة كان أكثر من القيمة أو أقل ; لأن له إمضاء البيع بالثمن فإن ضاع أحدهما لزمه بحصته ، فإن اشترى أحدهما والآخر أخذه منهما فضاعا ضمن أحدهما ، وهو في الآخر أمين ، فإن ضاع أحدهما ضمن نصف ثمنه لدورانه بين الضمان وعدمه ، وله أخذ الثاني ورده لدورانه بين المبيع وغيره .
وهو يستحق بالعقد ثوبا ، وكذلك إذا
قبض ثلاثة دنانير ليختار منها ثوبا دينارا كان له دينار فتلف اثنان كان شريكا ، قال
أشهب : لو كان بدل الثوبين عبدين فللهلاك من البائع وللمبتاع أخذ الباقي ; لأنهما لا يغاب عليهما ، قال
ابن القاسم : للمبتاع أخذ الثوبين بالثمن الذي سمى فيما قرب من أيام الخيار وينقص البيع إلا أن يكون أشهد أنه اختار في أيام الخيار أو ما قرب ; لأنه بعد أيام الخيار مدع فإن أشهد فهو أمين في الباقي ، وهلاكه من بائعه ، قال
ابن يونس : قال بعض القرويين : إن كان الهالك وجه الصفقة لزماه جميعا كضياع
[ ص: 47 ] الجميع ويتهم على تغييبه ، والعبدان أو الثوبان على أن يختار أحدهما بثمن واحد ، أما لو قال هذا بعشرة وهذا بخمسة امتنع ; لأنه بيعتان في بيعة إلا أن يكون على غير الإلزام ، بل بالخيار فيجوز لنفي التزام الغرر ، وأجازه
ابن أبي سلمة على الإلزام إذا استوى زنة أفراد الدراهم ، وكأنه أخذ الذي بعشرة ثم رده . وأخذ الذي بخمسة ووضع عند خمسة فصارت خمسة وثوب بثوب العشرة .
ولو اختلف وزن بالدراهم هذه ناقصة وهذه وازنة امتنع عند الجميع لتحقيق الربا بين القصتين ، وفي كتاب
محمد : إذا
اشترى ثوبا من ثوبين من جنس واحد والثمن واحد فهلك أحدهما بيد المبتاع في الخيار ، أو دخله عيب فهو بينهما وعليه ثمن نصف كل ثوب لاختلاط الأمانة فصار من باب التداعي ، فإن اختلف الثمن وألزم نفسه أحدهما على الوجوب امتنع ، ويضمن نصف قيمتها إن هلكا أو نصف قيمة أحدهما إن هلك ، ويرد الباقي إن لم يفت لفساد العقد ، فإن فات فهو بينهما وعليه نصف قيمته ، قال
اللخمي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة : الضمان من مشترط الخيار فإن أفات المشتري الثوب والخيار للبائع لم يضمن ; لأن المشتري قصد أخذه بغير خيار ، فامتنع البائع ووقفه بخيار نفسه ومنفعته ، وصار قاصدا الائتمان ، وإن بقي بيد البائع والخيار للمشتري ضمنه البائع على القول المشهور ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة فإن قال المشتري : أنا أقبله فعلى قول
ابن القاسم يحلف البائع : لقد ضاع ويبرأ ، وعلى قول
أشهب يحلف ويغرم فضل القيمة على الثمن ، فإن ضاع عند المشتري والخيار له ، قال
ابن القاسم : يغرم الثمن بغير يمين ، وكذلك إن كان الخيار وقيمته أقل من الثمن ، وإن كانت أكثر حلفا لقد ضاع وغرم الثمن ، فإن نكل غرم القيمة ، قال
أشهب : إن كان الخيار للمشتري غرم الأول من القيمة والثمن ، فإن كان الثمن أقل غرمه بغير يمين ; لأنه كان له أن يقيله ، وإن كانت القيمة أقل غرمها بعد اليمين فإن نكل عن اليمين فإن كان الخيار للبائع غرم الأكثر من الثمن أو القيمة ، فإن كان الثمن أكثر وقال : أنا أجيز البيع أو القيمة أكثر قال : لا أجيزه وأخذ القيمة ، وأما
[ ص: 48 ] الثوبان : ففيهما أربع صور :
الصورة الأولى : أن يخير في العقد والتعيين معا بأن يأخذهما اختار أحدهما أو يردهما فيدعي ضياعهما فأربعة أقوال : يضمن أحدهما بالثمن عند
ابن القاسم ; لأنه مقتضى العقد ، والآخر بالقيمة ; لأنه غير مبيع ، وأحدهما بالقيمة والآخر بالأقل من الثمن أو القيمة عند
أشهب ; لأن له رد البيع ، وعن
ابن القاسم : إن تطوع البائع وقال : اختر واحدا منهما ضمن واحدا ; لأنه جعله منافي الآخر ، وإن سأل ذلك المشتري وضمنها لعدم الأمانة فيهما ، وعند
ابن حبيب : يضمنهما بالثمن ; لأنه ينتقل بالخيار من ملك إلى هذا ، فإن باع أحدهما ضمن نصف ثمن التالف عند
ابن القاسم ، ويخير في الباقي ; لأن له ثوبا بالعقد لم يصل إليه ، وقال
محمد : ليس له أن يختار إلا نصف الباقي ; لأنه لم يبعه ثوبا ونصفا ، وفي الجواهر : إذا ادعى ضياع أحدهما جرى على الخلاف المتقدم ، فعلى قول
ابن القاسم : يضمن نصف ثمن التالف لتردده بين المبيع فيلزم الثمن أو الأمانة فلا يلزمه شيء ، وعلى قول
أشهب : يضمن الضائع كله ; لأنه يضمنهما جميعا إذا ضاعا ، وقال
أشهب أيضا : إذا أخذ الثاني كان عليه بالثمن والتالف بالقيمة ، وإن رده فعليه التالف بالأقل من الثمن أو القيمة ، وإذا فرعنا على قول
ابن القاسم : فله أن يختار كل الباقي ، وقال
محمد : ليس له أن يختار إلا نصفه ، وسبب القولين تغليب حكم التلف أو الامتثال .