القسم الثاني : من خيار النقيصة :
ما ثبت بمعاينة في البيع غير معتادة ، وفي الجواهر : الخيار للمغبون ، وقيل : لا خيار له إن كان من أهل الرشاد والتبصر بتلك السلعة ; لأنه أوتي من قبل نفسه ، فإن كانا أو المغبون منهما بخلاف ذلك ، فالمغبون بالخيار ، قال
المازري : وليس الخلاف في الغبن على الإطلاق بل يشترط أن يكون المغبون لم يستسلم لبائعه وغارما بقيمة ما اشترى ، وإنما ذلك في الذي يقع في العين غلطا ، ويعتقد أنه غير غالط ، وأما العالم بالقيمة فيزيد عليها فلا مقال له ; لأنه واهب ، وإن استسلم ، وقال : أنا غير عالم بالقيمة فغره البائع فحرام اتفاقا وله المقال ; لأنه أكل المال بالباطل والاستسلام كالشرط بعدم الغبن ، ولو زاد في القيمة لعرض فلا مقال له ، والمغبون غلطا هل يعذر كالمشترط في رضاه ألا يكون غبيا فيكون له الرد ولا يقدر اشتراطه لذلك فيلزمه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي : ومذهب
مالك له الخيار فيما خرج على المعتاد ، وقال ( ش ) و ( ح ) : لا خيار له لما في الصحاح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349377إن حبان بن منقذ أصابته شجة في رأسه ، فكان [ ص: 113 ] يخدع في البيع فشكا أهله ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له عليه السلام : ( إذا بعت فقل : لا خلابة ، ولك الخيار ثلاثا ) فلو ثبت خيار الغبن لما تقدر بالثلاث ، ولقوله تعالى : (
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة ) وهذه تجارة ; لأن القيمة لم يتناولها العقد ; لأنه لو وجد قيمة المعيب أضعاف ثمنه ، وله الرد ، ولو كان المعقود عليه القيمة لم يكن له الرد لعدم الضرر ، وإذا لم تكن القيمة معقودا عليها فيكون الخلل في غيره المعقود عليه فلا يضر ، والجواب عن الأول : أنه حجة لنا ، لقوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349378لا خلابة ) أي : في الشرع ، فدل الحديث على نفيها وأنتم تثبتونها ، وعن الثاني : أن المفسرين قالوا : الاستثناء منقطع ، وتقديره إلا أن تكون تجارة فكلوها بالسبب الحق ، وهذا ليس حقا لقوله عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349187لا ضرر ولا ضرار ) ، وعن الثالث : أن المعقود إنما يعتمد وصف المالية بدليل أن ما لا يتمول لا يصح بيعه ، وإذا كان معتمد العقد وصف المالية كان الخلل فيها خللا في المعقود عليه فيؤثر ، ولو لم يكن العرض المالية في العقد لبطل الرضا بعيب المنقص لها .
تفريع : في الجواهر : حيث قلنا بالخيار ، فقيل حيث يغبن بالثلث ، وقيل : ما شهدت به العادة أنه ليس من الغبن الذي يقع بين التجار ، قال
ابن يونس : قال
ابن وهب : إذا شبه السلعة بغير جنسها فله الرد ، قال
مالك : إذا باع حجرا بدرهم فإذا هو ياقوت لزم البيع ، ولو شاء لاستتبت ، وقال
ابن حبيب : وذلك إذا قال من يشتري مني الحجر ; لأن الياقوت يسمى حجرا ، ولو قال : هذه الزجاجة وهي ياقوتة فله الرد كما لو قال : ياقوت وهو زجاج ، فإن سكت فلا مقال له ، قال صاحب البيان : إذا
اشترى حجرا يظنه [ ص: 114 ] ياقوتا ، أو فوجده غيره ، إنما يجري الخلاف إذا لم يسم البائع أو المشتري شيئا ، أما إذا سمى فلا يلزم البيع ، وأما القرط يظهر نحاسا وهو على صفة أقراط الذهب يرد اتفاقا ; لأنه عين ، فإن أوهم أحدهما في التسمية ولم يصرح ، قال
ابن حبيب : له الرد كالتصريح ، وقيل : لا رد له كعدم التصريح ، وقال بعض شيوخنا : البيع في سوق الجوهر كالتصريح بالجوهر ، وله الرد ، وإلا فلا .