فرع
قال في الكتاب : يجوز
بيع الجزاف من الطعام وسائر العروض جزافا وغيره قبل القبض من البائع وغيره ، ويحيله عليه إلا أن يكون ذلك بين أهل العينة فيمتنع بأكثر مما ابتعت ; لأنهم يتحيلون بذلك على السلف بزيادة .
قال
ابن يونس : قال
مالك : إذ اشترى نصف ثمرة جزافا أو نصف صبرة جزافا ، رجع
مالك إلى جواز البيع قبل النقل ، وإن استحب النقل للحديث .
[ ص: 139 ] فرع
قال :
يمتنع البيع بقبض وكله فيه عبده أو مدبره أو أم ولده أو امرأته أو من هو كذلك ; لأنه كتوكيله لبيعهم له .
فرع
قال : تمتنع
المقاصة بين الطعامين من سلم ; لأنه بيع قبل القبض ، وإن كان أحدهما من قرض ، واتفقا أجلا وصفة ومقدارا جاز إن حل الأجلان ; لأن بيع القرض معروف ، ويمتنع قبل الحلول ; لأنه دين بدين ، قال
اللخمي : قال
ابن القاسم : يمتنع وإن تساوت رءوس الأموال ، وجوزه
أشهب ، وجعله إقالة ، فإن اختلفت رءوس الأموال امتنع ، إلا أن يكون باطنها على السلم فيصح ويكون قضاء ، وكذلك الحوالة على طعام السلم ، وأجازها
أشهب ، وإذا تساوت رءوس الأموال ; لأنهما لو شاءا عملاها تولية ، وإن كان أحدهما من قرض أجازه
ابن القاسم إذا خلا ،
وأشهب إذا حل أحدهما .
قال أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا حل السلم ، وجوزه
ابن حبيب وإن لم يحلا . قال : وهو أبين ; لأن الذمم تبرأ من الآن ، قال
سند : وجوز
أشهب المقاصة بين المسلمين إذا اتفقا كيلا وصفة ، وراعى الثمنين في الموارثة إذا اتفق رأس مالهما قدرا وصفة جاز ; لأنه إبراء ، فعلى رأي
أشهب يمتنع إذا اختلف جنس الثمنين خشية أن يؤخذ الثمن الثاني عن الطعام ، والأظهر الإبراء لبعد ذلك إذا اتحد الجنس
[ ص: 140 ] واختلف المقدار ; لأن كثرة الأول سلف بزيادة ، وقلته إقالة من رأس السلم بزيادة على أقل منه ، فإن كان أحدهما من سلم الآخر من قرض ، وكلاهما جنس ، ولم يحل أجلهما ، قال
ابن حبيب : يجوز إذا اتفق أجلهما ، قاله جميع أصحاب
مالك إلا
ابن القاسم وأشهب وأبى المنع ; لأنه بيع الطعام قبل قبضه ، وبيع الدين بالدين ومتى كان الأجل قائما فأمرهما على المكايسة ، ولو اختلف الأجل لم تجز المقاصة ، فإن حل أجل السلم جازت المقاصة عند
أشهب ، وفي المجموعة : يجوز أن يحيل ما قد حل فيما لم يحل ، كان سلفا أو بيعا ، فإن كان السلف الذي حل فهو قصاص من سلم ، أو السلم فقد أعطاه من قرض فلا كراهة ، وقيل : إن حل السلم جاز ; لأن المسلم تعجيل ما عليه من القرض ، ويجبر غريمه على أخذه بخلاف حلول القرض ، فإن المسلم لا يملك إسقاط أجل السلم إلا بالتراضي .
فرع
قال : إذا أجلت البائع بثمن الطعام فأخذ من المحال عليه طعاما امتنع ، كان البائع باع بنقد أو بنسيئة .
فرع
قال : لو وكلت في قبض الثمن فتعدى الوكيل عليه ، جاز أخذك طعاما منه لضعف التهمة ، قاله
ابن حبيب ، فلو
أقرضت الثمن قبل قبضه قال
التونسي : يمتنع أن يأخذ المقرض من المشتري به طعاما ; لأنه كالدين يحيل به على ثمن طعام ، ولو بعت حنطة بذهب إلى أجل ، واشتريت من أجنبي تمرا بذلك الذهب ، وأحلته به عليه أجازه
مالك في الموطأ ، قال
الباجي : معناه
[ ص: 141 ] اشتراء التمر على ذمته ; لأنه أخذ بثمن الحنطة تمرا ، قال
سند : ولا حاجة إلى هذا التفسير ; لأنا إنما نمنع من أخذ الطعام في ثمن الطعام خشية النسيئة في الطعام ، والمبتاع هاهنا إنما دفع ذهبا ، فلو اشتريت عند الأجل من المبتاع بذهب طعاما يخالف الأول ، ولم تشترط أنه من ثمن الأول : منع
مالك المقاصة ، وقال : يرد الطعام الثاني ; لأنه عقد النسيئة ، وقال
ابن القاسم : يؤدي ذهب التمر ويأخذ ذهب قمحه ; لزوال التهمة بذلك فلو أخذ بالثمن كفيلا فدفعه إليك أو رجل متبرع كان له أخذ طعام من المبتاع من صنفه وغير صنفه أقل أو أكثر ، قاله
ابن القاسم ; لأن الكفيل مقرض ، وليس له ثمن طعام .
فرع
قال : إذا استقرض البائع طعاما ليقضيه للمبتاع ، وأمر المقرض بدفعه للمبتاع امتنع بيع المبتاع له من القرض ، إلا أن يأخذ فيه رأس ماله لبيعه إياه قبل قبضه ، فلو قبضه ، وطالب المقرض بالطعام جاز أن يبتاعه منه ; لأنه قرض وطعام البائع قد قبض .
فرع
قال : فلو
كان لك عليه طعام من سلم فقال : بعني طعاما لأقضيك : منعه
مالك ; لأنه بيع له قبل قبضه ، قال
ابن القاسم : يجوز بمثل رأس المال نقدا دون الأقل والأكثر .
فرع
قال
المازري : أجرى بعض الأشياخ الخلاف في
أخذ الطعام في ثمن الطعام [ ص: 142 ] إذا كانت قيمة الثاني أقل بكثير لعدم التهمة .
فرع
قال : إذا
اشترى طعاما عشرة بدرهم ، فدفع درهما ناقصا فأمسك البائع بقدره من الطعام ، منعه
ابن حبيب ; لأنه أخذ طعاما من ثمن الطعام ، وبيع الطعام قبل قبضه ، ويفاضل بين القبضتين ، وتفاضل بين الطعامين ، لأن الجملة المبيعة مقابلة بالجملة المأخوذة ثانيا .
فرع
في الجواهر :
الدين كالعين الحاضرة في جواز البيع بشرط قبض البدل في المجلس ، ويشترط في بيعه من غير من هو عليه إقراره بالدين وحضوره هنا للغرر .
فرع
في الكتاب : إذا
أسلفته قبل القبض فقبضه المستسلف لا تبعه منه قبل قبضك إياه ، وإن جاز بيع القرض قبل قبضه ; لأنه ذريعة للبيع في العقد الأول قبل القبض ، قال
ابن يونس : قال
محمد : في اليسير من الكثير ، وكأنه وكيل على قبضه ، ولا يجوز بيعه قبل القبض من المقترض ولا من غيره إلا بمثل رأس المال ، فيكون كالإقالة أو التولية ، وكذلك لو أحلت بطعام من بيع على قرض فلا يبيعه المحال قبل القبض إلا كذلك .
فرع
قال
ابن يونس : إذا
اشترى من التمر كيلا معلوما دون الثلث ، فهل له بيعه قبل قبضه وجذاذه لأنه مبغي على ملكه ، أو يمتنع ; لأنه مبيع مشترى ، روايتان عند
مالك .
[ ص: 143 ] فرع
كل ما أسلمت فيه من العروض يجوز بيعه قبل قبضه من غير بائعك بجميع الأثمان إلا بصنفه ، ومن بايعك بمثل الثمن فأقل لعدم التهمة وألغاه
nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن أبي سلمة ، قال
ابن يونس : يريد : لا يبيعه بصنفه من غير البائع إذا كان أقل أو أكثر ، وزاد في كلام الكتاب قبل الأجل فيكون الأقل سلفا بزيادة ، ولا يتجه الأكثر إلا إلى أجل أبعد ، فيكون المسلم يسلم عند الأجل أقل ليأخذ أكثر بعد ذلك ، ولم يوجه إلغاء
عبد العزيز ، والذي يتجه فيه تخصيصه بالنقدين لتوقع صرف مستأخر .
فائدة : ذكر في الكتاب : الثياب الفرقبية ، قال في التنبيهات : بضم الفاء أولا والقاف آخرا وآخره باء بواحدة كذا سمعناه ، وقيل : بالقاف أولا وآخرا ، وهي ثياب بيض من كتان ، وقال في كتاب العين : بقافين ، وقال الخطابي : بالفاء أولا ، وقال : لعلها نسبة إلى فرقوب وحذفت الواو في النسب .
فرع
قال : قال في الكتاب : يجوز
بيع زريعة الفجل الأبيض ، وزريعة السلق ، والكراث ، والجوز ، والبطيخ الفارسي والأخضر ، والقثاء قبل قبضه ; لأنه ليس بطعام ، وإن كان يخرج منه طعام ، كالنوى يخرج منه النخل ذات الطعام ، وتمنع زريعة الفجل الأحمر ، والقرطم لما فيهما من الزيت ، وكذلك الفلفل ، والقرفاء ، والسنبل ، والكرفص ، والكروية ، والشونيز ، والكمون الأسود ، والملح ، والشمار ، والكمون الأبيض ; لأنها طعام ، وخالف
محمد في الأربعة الأخيرة ، وجعلها إداما .
قال
ابن القاسم : والحلبة طعام خلافا
لابن حبيب ، وقال
أصبغ : الخضراء طعام ، بخلاف اليابسة ، فإنها دواء ، وقال
ابن [ ص: 144 ] حبيب : حب الرشاد ليس بطعام ، بخلاف الخردل لاستعماله في السمك وغيره ، والزعفران ليس بطعام اتفاقا ، قال
اللخمي : في المدونة : الفلفل ونحوه طعام وعنه : ليس بطعام ، وفي الكتاب : الماء ليس بطعام ; لأنه ينفق الغذاء ولا يغذي ، قال
ابن يونس : وعنه يمتنع بيعه إلى أجل ، فيكون طعاما ، ولأن الحاجة إليه أكثر من الخبز ، ولأن الخبز يقوم غيره مقامه بخلافه .
فرع
في الكتاب : إذا كاتب بطعام جاز
بيعه قبل قبضه من المكاتب خاصة ; لأن معاملة العبد ليست حقيقة ; لأنه بيع مالك بمالك ، ولا يجوز ذلك في نجم بل في الجميع ، لحصول العتق عقيبه ، قال
ابن يونس : وقيل : يجوز في البعض ; لأن الكتابة ليست بدين ثابت ، ولا يخلص بها عنده المكاتب ، ويجوز بيعها ، قال
اللخمي : وأرى بيعها من المكاتب وغيره إذا كانت قدر الخراج ; لأنها غلة ، وإن كانت أكثر بالشيء الكثير أو من غير الخراج امتنع بيعها .
فرع
قال
ابن يونس : قال
مالك :
طعام الكراء والصلح من دم العمد والمخالعة كطعام البيع في الجواز في الجزاف ، والمنع في غيره لاندراجه في صيغة الحديث .
وكذلك أرزاق القضاة وغيرها ; لأنه في معنى المعاوضة على العمل ، بخلاف مثل أرزاق أزواجه عليه السلام في زمن
عمر رضي الله عنهم أجمعين ، وبخلاف
[ ص: 145 ] الهبات والميراث والسلف والصدقة ; لأن جميع ذلك ليس بيعا ، فلا يتناوله الحديث ، قال
اللخمي :
ويجوز للمقترض بيع ما اقترضه قبل قبضه ، وكذلك المقرض ; لأن الدين غير المعاوضة ، ولهذا ليس معاوضة بل معروفا ، وإلا كان بيع الطعام نسيئة ، ويجوز
قرض طعام السلم قبل قبضه ، ويمتنع بيع المقرض له قبل قبضه ; لأنه على حكم السلم ما دام في الذمة .
ولو تطوع رجل بقرض ذلك السلم إليه ويقبضه عنه لم يجز للذي له السلم بيعه قبل قبضه للحديث ; لأنه مبتاع ، وكذلك إذا
كانت الهبة والصدقة طعام سلم الأجنبي يمتنع البيع على الموهوب والمتصدق عليه ; لأنهما منزلان منزلة الأصل ، وعن
مالك : الجواز ; لأن يد المشتري قد خرجت ، وضابطه : متى كانت يد المسلم باقية على سلمه ، وهو القابض امتنع البيع ، كان المقبوض منه والمسلم إليه ، أو واهبا أو متصدقا أو مقرضا ; لقوله عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349385من ابتاع طعاما فلا يبعه . . . ) الحديث ، وإذا زالت يده وكان القابض موهوبا له أو متصدقا عليه جاز ; لأنه لم يبع طعاما ، وأخرج الحنفي من بيع الطعام قبل قبضه : المهر والخلع والجعل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل :
كل عرض ينفسخ عقده بهلاكه قبل القبض لا يجوز التصرف فيه قبل القبض ، كالأجرة والصلح ، بخلاف العتق والخلع ، ويدل الصلح عن دم العمد ، وأرش الجناية ، وقيمة المتلف ; لأن العقد لا ينفسخ بالتلف ، فانتفى غرر الانفساخ بالهلاك ، فلا يبنى عليه عقد آخر مع هذا الغرر ، ولا تصح حوالة المسلم في السلم ، واتفق الجميع على القرض .