صفحة جزء
البحث الثالث : في شرطه .

وفي الجواهر : شرطه أن لا يجر منفعة للمقرض ، فإن شرط زيادة قدرا أو صفة فسد ، ووجب الرد إن كان قائما ، وإلا ضمن بالقيمة وبالمثل على المنصوص ( وعلى قول ابن سحنون ) ، وعلى قول ابن محرز المتقدم بالمثل فقط .

قاعدة : القرض خولفت فيه قاعدة الربا إن كان في الربويات كالنقدين [ ص: 290 ] والطعام ، وقاعدة المزابنة ، وهو ( بيع المعلوم بالمجهول من جنسه إن كان في الحيوان ونحوه من غير المثليات ، وقاعدة ) بيع ما ليس عندك في المثليات لأجل مصلحة المعروف للعباد ، فإذا اشترط منفعة فليس معروفا ، فتكون القواعد خولفت لا لمعارض ، وهو ممنوع ، أو أوقعوا ما لله لغير الله وهو ممنوع ، فلهذه القاعدة يشترط تمحض المنفعة للآخذ .

فرع

في الكتاب : إذا أقرضته لتنفع نفسك بضمانه في ذمته ، وكراهة بقائه عندك امتنع ، فإن علم ذلك غريمك فلك تعجيل حقك قبل أجله لفساد العقد ، قال اللخمي : وكذلك إذا قصد منفعتها ، بل لا بد من تخصيص المنفعة بالمقترض ، فإن قصد بيع ذلك الثوب بمثله ، منعه مالك وابن القاسم لخروجه على المعروف ، وأجازه مرة ، وعلى الأول تفيته حوالة الأسواق بما فوق ذلك ، ويغرم قيمته إن فات ، وإن قال المقرض : أردت منفعة نفسي ولم يصدقه خصمه ، بيع الثوب عند الأجل ; لأنه مقر أنه لا يستحق المثل بالقيمة ، فإن بيع بدون القيمة لم يكن له إلا ذلك ، أو بأكثر وقف الزائد ، فإن أقر بالفساد أخذه ، وإلا تصدق به ، وإن أقر المستقرض بالفساد دون المقرض ، والثوب قائم ، جبر على رده ، وتفيته حوالة الأسواق على قول المقر دون الآخذ ، فإن رجع عن إقراره : خير المقرض على قبوله ; لأنه مقر بصحة القرض ، فإن استهلكه غرم المثل إلا أن يصدقه على الفساد فالقيمة ، فإن عينه ، وقد كرهه غرم [ ص: 291 ] القيمة معجلة لفساد الأجل بالقصد الفاسد ، واشترى بها مثل الأول ، فإن لم يوف كان عليه تمام الثمن ; لأنه لم يوافقه ، فإن زادت دفع الزائد إن اعترف بالفساد كان له .

فرع

في الجواهر : إن كانت المنفعة للجهتين منع إلا أن تكون ضرورة كالسفاتج ، فروايتان ، المشهور : المنع .

سؤال : قال سند : العارية معروف كالقرض ، وإذا ، وقعت إلى أجل بعوض جاز ، وإن خرجت بذلك عن المعروف : فلم لا يكون القرض كذلك ؟ جوابه : إذا وقعت بعوض كانت إجارة ، والإجارة لا يتصور فيها الربا ، والقرض بالعوض بيع ، والبيع يتصور فيه الربا ، والعرض بالعرض لمنفعة ربا لقوله - تعالى - : ( وحرم الربا ) . فإنه عام إلا ما خصه الدليل .

فرع

قال سند : منع ابن القاسم : أقرضك هذه الحنطة على أن تعطيني مثلها ، وإن كان القرض يقتضي إعطاء المثل لإظهار صورة المكايسة : قال أشهب : يفسخ ، قال : فإن قصد بالمثل عدم الزيادة فغير مكروه ، وكذلك إذا لم يقصد شيئا ، فإن قصد المكايسة فهذا مكروه لا يفسد العقد لعدم النفع للمقرض ، [ ص: 292 ] ومن سلف طعاما قديما ليأخذ جديدا امتنع ، إلا أن تكون المنفعة للأخذ فقط .

فرع

قال : إن سألك التأخير ويرهنك رهنا : أجازه ابن القاسم عند الأجل لا قبله ; لأنه ملك الحق الآن ، وكان يقول : إن كان عديما امتنع ; لأن عدمه يمنع قضاء الحق ، قال محمد : يجوز إن كان الرهن ليس له لأنه سلف مبتدأ ، وقيل : يمتنع إلا أن يكون الرهن له حتى يكون بالحق نفسه .

فرع

قال : كره مالك تأخير الغريم بشرط أن يسلفك أجنبي ، قال : وفيه تفصيل : فإن كنت طلبته لحاجتك للدين : فهو خفيف ; لأن المنفعة للغريم ، وإن أسلفك أكثر من الذي لك امتنع ، وإذا أردت الخلف مع شاهدك ، فقال الغريم : أحمل اليمين بشرط التأخير سنة . فذلك ممنوع ، والإقرار باطل ، والخصومة باقية ، ومنع سلف شاة مسلوخة ليأخذ كل يوم رطلين ، ومن سألك حمل بضاعة فقلت : حلفت لا أحمل إلا ما لي ، فإن شئت أسلفتها أو أودعك وديعة فامتنع حتى يسلفها ، منع ذلك مالك لما فيه من منفعة السلف ، وأباح : أعني بغلامك يوما وأعينك بغلامي يوما ; لأنه رفق .

فرع

في الكتاب : يمنع اشتراط القضاء ببلد آخر ، وإن شرط أجلا بخلاف [ ص: 293 ] البيع ; لأن البيع مكايسة يقبل شرط التنمية ، ولك ذلك في العين إن قصدت به نفعه دون نفع نفسك بذهاب غرر الطريق كالسفاتج ، ويضرب أجلا يصل في مثله ، وإن لم يخرج فلك أخذه بعد الأجل إن وجدته .

فائدة : قال صاحب التنبيهات : السفاتج ، واحدها سفتجة ، بفتح السين وسكون الفاء وفتح التاء بعدها جيم ، وهي البطاقة تكتب فيها آجال الديون ، كالرجل تجتمع له أموال ببلد فيسلفها لك وتكتب له إلى وكيلك - ببلد آخر لك فيه مال - أن يعطيه هناك ، خوف غرر الطريق ، قال : وقد أجازه ابن عبد الحكم للضرورة ، قال سند : ومعنى قول محمد : إن للحمال مؤنة الحمل والضمان في مدة الحمل إلى ذلك البلد على صورة الإنكار ، ولا يلزم الدفع إلا حيث وقع القرض إلا أن يتراضيا فيما له مؤنة لضرورة مؤنة الحمل ، كما أنه لا يلزم المتعدي إلا ببلد الغصب ، وإن اتفقا على غير البلد قبل الأجل فقولان ، نظرا لإسقاط الحق بالرضا ، أو يكون : ضع وتعجل . ومنع في الكتاب : قرض الحاج العك على التوفية ببلد آخر ، وجوزه سحنون ; لأن الحاج لا يوفي القرض في لجة البحر ، بل في بلد آخر ، فإن قصد بذلك اشتراط الحمولة فسد .

التالي السابق


الخدمات العلمية