[ ص: 295 ] البحث الرابع في
أحكامه : وأصله : الندب ، وقد يجب عند الضرورة في المسغبة ونحوها ، وهو أعظم المعروف يقبله الأحرار الممتنعون من تحمل المنن ، وقد قال بعض السلف : كان أحدنا لا يعد لنفسه مالا ، ثم ذهب وبقي الإيثار ، ثم ذهب وبقي القرض .
تنبيه : وقعت في باب القرض نادرة وهي أن القاعدة : أن ثواب الواجب أعظم من ثواب المندوب ، وإنظار المعسر بالدين واجب ; لقوله تعالى : (
وأن تصدقوا خير لكم ) ، ولأن الإبراء متضمن لمصلحة الإنظار وزيادة ، فلذلك كان أعظم ثوابا منه ، ولأن الأصل في كثرة الثواب والعقاب كثرة المصالح والمفاسد وقلتها .
فرع
في الجواهر : يجوز
اشتراط الأجل في القرض ، قال صاحب ( القبس ) : انفرد
مالك دون سائر العلماء باشتراط الأجل في القرض ، ويجوز التأخير من غير شرط إجماعا ; لقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349412إن رجلا كان فيمن كان قبلكم استسلف من رجل ألف دينار إلى أجل ، فلما حل الأجل طلب مركبا فخرج إليه فيه فلم يجده ، فأخذ قرطاسا وكتب فيه إليه ، ونقر خشبة فجعل فيها القرطاس والألف ، ورمى بها في البحر ، وقال : اللهم إنه قال حين دفعها إلي : اشهد لي ، فقلت : كفى بالله شاهدا ، وقال : ائتني بكفيل ، فقلت : كفى بالله كفيلا ; اللهم أنت الكفيل [ ص: 296 ] بإبلاغها . فخرج صاحب الألف دينار إلى ساحل البحر ليحتطب ، فدفع البحر له العود ، فأخذه فلما فلقه وجد المال والقرطاس ، ثم إن ذلك الرجل وجد مركبا فأخذ المال وركب وحمله إليه ، فلما عرضه عليه قال له : قد أدى الله أمانتك ) . وذكر هذا في سياق المدح يدل على مشروعيته ، وشرع من قبلنا شرع لنا حتى ينسخ .