الباب الأول في أركانه ، وهي خمسة : الأول والثاني : المتعاقدان ، وفي الجواهر : لا يشترط فيهما إلا ما يشترط في الوكيل والموكل ، ولو قارض العامل بغير إذنك فهو متعد ; لأنك لم تؤمن
[ ص: 26 ] الغير ، ويجوز تعدد العامل والمالك بشرط توزيع الربح بين العمال بقدر الأعمال : كتوزيع الأثمان على السلع .
فرع : في الكتاب :
للمأذون دفع القراض وأخذه ; لأنه تجارة ولا يضمنه المأذون ، قال
ابن يونس : قال
أشهب : القراض إجارة فلا يأخذه كما لا يؤجر نفسه ، وإذا أخذ قراضا ، فالربح كخراجه ; لأنه بيع منافعه ، فلا يقضي منه دينه ولا يتبعه إن عتق ، قال
اللخمي : فإن قارض غير المأذون فلسيده الأكثر من المسمى أو قراض المثل ، أو أجرة المثل ، لرضاه بالمسمى أو استيفاء المنفعة .
فرع : في الكتاب لك
مقارضة عبدك وأجيرك إذا كان مثل العبد ; لأنه استيفاء منفعة ، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون الأجير ; لأنه فسخ دين في دين ، وللمكاتب أن يبضع ويدفع قراضا ويأخذه ; لأنه تنمية لماله ، قال صاحب التنبيهات : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13587ابن ميسر : منع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ; لأن القراض أخف مما استأجر له فألحقها بمصلحة اشترطها العامل لنفسه ، وقيل : معنى قول
ابن القاسم : إن الأجير باق على الخدمة ، وهو يتجر
[ ص: 27 ] في خلالها إذ وجد سلعة ابتاعها ، وقال
يحيى بن عمر : إن استأجره ليتجر له ، جاز القراض ; لأنه من المنفعة الأولى ، وللخدمة امتنع ، أو ليقارضه امتنع أيضا ; لأن عمل القراض غير منضبط ، وقيل : معنى قول
ابن القاسم : إنه ملك جميع خدمته ، فصار كالعبد ، وما استأجره فيه بعضه عمل القراض وهو نحو قول
يحيى : قال صاحب النكت : قيل : معنى قول
ابن القاسم : إن كان مثل العبد أنه استأجره ليجيئه بالغلة ولم يؤقت عليه ما يأتيه به ، بل يتخير بالسوق فلم ينقله بالقراض من عمل إلى عمل ، بل أسقط عنه بعض الربح ، ولو كان عملا بعينه كالبناء امتنع كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون .
فرع : في الكتاب
للعامل أخذ قراض من رجل آخر إن كان لا يشغله عن الأول ; لأنه مالك لمنافع نفسه ، وإلا فلا لالتزامه مقتضى العقد الأول ، وجوزه ( ش ) مطلقا كالوكالة ، ومنعه
أحمد مطلقا صونا للعقد الأول عن الخلل .
فرع : في الكتاب لا أحب
مقارضة من يستحل الحرام ، أو لا يعرفه - وإن كان مسلما ، قال
اللخمي : أما الجاهل بالصرف وبيع الطعام قبل قبضه ونحوهما فيتصدق بالربح غير من جبر ، إلا أن يعلم أنه عمل بذلك فيجبر على الصدقة بالفضل لفساد العقد ، وإن توقع تجره فيما لا يجوز بيعه استحب الصدقة برأس المال والربح ،
[ ص: 28 ] فإن علم ذلك أجبر على التصدق بالجميع ; لأنه أخذه فيما لا يقابل بالمال ، فالمال باق على ملك ربه .
قاعدة : الأموال المحرمة من الغصوب وغيرها إذا علمت أربابها ردت إليهم ، وإلا فهي من أموال بيت المال تصرف في مصارفه الأولى فالأولى من الأبواب والأشخاص على ما يقتضيه نظر الصارف من الإمام أو نوابه أو من حصل ذلك عنده من المسلمين ، فلا تتعين الصدقة ، قد يكون الغزو أولى في وقت ، أو بناء جامع ، أو قنطرة ، فتحرم الصدقة ، لتعيين غيرها من المصالح ، وإنما يذكر الأصحاب الصدقة في فتاويهم في هذه الأمور ; لأنها الغالب ، وإلا فالأمر - كما ذكرته لك .
قاعدة : كل من فعل فعلا ، أو قال قولا ، أو تصرف تصرفا من المعاملات أو غيرها ، لا يجوز له الإقدام عليه حتى يعلم حكم الله تعالى في ذلك ، فإن تعلم وعمل أطاع الله تعالى طاعتين بالتعلم الواجب وبالعمل إن كان قربة ، وإلا فبالتعلم فقط ، وإن لم يتعلم ولم يعمل فقد عصى الله معصيتين بترك التعلم وبترك العمل إن كان واجبا ، وإلا فبترك التعلم فقط ، وإن تعلم ولم يعمل ، أطاع الله تعالى بالتعلم الواجب وعصى بترك العمل إن كان واجبا ، وإلا فلا ، ونقل الإجماع على هذه القاعدة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - في رسالته ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي في إحياء علوم الدين ، وهذا القسم هو من العلم فرض عين وهو علمك بحالتك التي
[ ص: 29 ] أنت فيها ، وعليه يحمل قوله عليه السلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348196طلب العلم فريضة على كل مسلم ، وما عدا هذا القسم فرض كفاية ، فلهذه القاعدة حرم على الجاهل كسبه الحرام كالعامد . سؤال : من شرب خمرا يظنه خلا أو وطئ أجنبية يعتقدها مباحة ، أو أكل طعاما نجسا يعتقده طاهرا يعذر بجهله في ذلك كله وفي المعاملات وغيرها لا يعذر ويأثم ، فما ضابط القسمين ؟ .
قاعدة : الجهل قسمان : منه ما يتعذر الاحتراز منه غالبا أو فيه مشقة فجعله الشرع عذرا لمن ابتلي به ، وهو تلك المثل ونحوها ، ومنه ما ليس كذلك فلا يعذر به ، فالفحص عن طهارة المأكولات وحل كل عقد تناولها بعسر على الناس ، وكذلك سائر النظائر وإلا فالأصل أن الجهل لا يجدي خيرا ولا يكون عذرا .
فرع : في الكتاب أكره للمسلم أخذ
قراض الذمي أو مساقاته للمذمة وليس بحرام ، وأباحه ( ش ) ; لأنك تعمل بالحلال ، وكره دفعك له ; لأنه يعمل بالحرام ، وأجازه
مالك مساقيا إن كان لا يعصر حصته خمرا . قال
ابن يونس : قال
محمد : إذا قارضت ذميا عالما به يفسخ قبل العمل ويمضي بعده حتى ينض المال فيفسخ ، وإذا كان النصراني عاملا فسخ ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا قارض نصراني نصرانيا فاشترى خمرا فأسلم رب المال والخمر قائمة بيد العامل ، فقال رب المال
[ ص: 30 ] قارضتك بمال فادفع إلي مالي والخمر اكسرها ، يعطى للعامل قدر حصته من الربح خمرا ويراق ما يخص المسلم ، وإذا كان النصراني عاملا فاشترى خمرا ، هل يضمن لدخوله على بياعات المسلمين وقاله ( ش ) كأحد الروايتين في منع المسلم امرأته الذمية من الكنيسة وشرب الخمر ، ولا يكون متعديا ; لقوله في " المدونة " ولا يمنعها ; لأن ذلك في دينهم ، قال : والأول أشبه ; لأنه متلف للمال ، بخلاف الزوجة ، قال
اللخمي : وإذا كان الذمي العامل يعصر نصيبه خمرا يختلف هل يفسخ أو يمضى ويباع نصيبه عليه إذا تم العمل ولو لم ينظر فيه حتى تم لكان له المسمى ويباع ذلك المسمى .
فرع : قال
ابن يونس : قال في الكتاب لا يعجبني عمل الوصي بمال اليتيم مضاربة للتهمة ، وليقارض له غيره ، فإن أخذه لنفسه بغير محاباة مضى ، وإلا رد إلى قراض مثله .