فرع
قال : إذا
بنى بعض أهل الحبس فيه ، أو أدخل خشبة ، أو أصلح ، ثم مات ولم
[ ص: 343 ] يذكر لما أدخل ذلك فلا شيء لورثته فيه ; لأن الظاهر في الخلط بالموقف الوقف ، قال
ابن القاسم : إن قال هو لورثتي فهو لهم وإلا فلا وإن كثر ، وقال
المغيرة : لا تكون وقفا إلا ما لا بال له كالميازيب والقبو ، وما له بال فلورثته ; لأن الأصل عصمة المال عن الخروج واليسير الظاهر الإعراض عنه ، قال
ابن يونس : في كتاب
محمد : ليس لورثته في اليسير شيء ؛ أوصى أم لا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة : من سكن مسكنا فبنى فيه ثم مات وصار سكناها لغير ورثته فليس للباني قيمة بناء ولا عمارة ، وقال
مالك : إذا عمر بعض أهل الوقف في غير حيزه الذي بيده هو كالأجنبي حقه فيه ، قال
مالك : إذا حبس دارا أو أرضا حياته فبنى فيها بيتا ، أو غرس نخلا ومات ، فإن صارت الدار لورثة الباني فذلك لهم وإلا قلعوا البناء والنخل إلا أن يعطوا قيمة ذلك مقلوعا ، قال
اللخمي : قال
ابن القاسم إذا بنى الموقوف عليه ما يرى أنه أراد به الحبس فلا حق له ؛ أوصى به أم لا ، وما يرى أنه لم يرد به الوقف فلورثته ، قال
التونسي : لعل
ابن القاسم تكلم على عادة عندهم وإلا فالأصل عصمة الأموال ، وفي المجموعة إذا حبست دارا أو قاعة على قبيل ، فبنى فيها رجل من القبيل حوانيت وبيوتا للغلة يقاص بعين ما بنى بما نقص من الخراج فيما أنفق ، فإذا استوفى فالكراء بعد ذلك لجميع أهل الحبس ، فإن أراد غيره الدخول معه فيما بنى للغلة غرم نصف ما بقي له من حقه ودخل ، فيكون نصفه في يديه يقاص نفسه من غلته بما غرم حتى يستوفي ، ثم تكون الغلة بين الجميع كان للقاعة قبل ذلك غلة أم لا ، قال
التونسي : ينبغي أن يكون ما قابل القاعة من الكراء للجميع ; لأن بناءه لا يسقط حقوقهم من الحبس وكراء القاعة إذا كان لها كراء قبل البناء ، والزائد على كراء القاعة يقاص به نفسه ، ولم يجعل جميع غلة البناء له ، ولعل هذه سنة جرت في الأحباس إذا بنى فيها أحد ليغتل أنه يقاصص نفسه بما أنفق ويكون الذي بناه حبسا ، وأما
[ ص: 344 ] إن بنى المسكن فهو أولى بما بنى مما يكفيه للسكنى .
فرع
في الكتاب :
حبس حائطه على رجل حياته وكان يغتله فمات وفيه ثمر فلورثته إن طاب وإلا فلرب الحائط تبع للأصل كالبيع ، ولو كانوا جماعة يلونه ويسقونه فنصيبه لورثته ، فلو أبرت ولم تطب فلبقية أصحابه ; لأن أكثر الكلف بقيت عليهم ، وإن لم يلوا العمل ، بل يقسم عليهم الغلة فنصيبه لرب النخل ، ثم رجع
مالك فقال : يرد ذلك على من بقي توفية بالوقف وغلة الدار والعبد كالثمرة ، وأما دار يسكنونها وعبد يخدمهم فنصيب الميت لباقيهم ; لأن سكناهم وخدمتهم شيء واحد ، وإن مات أحدهم والثمرة أبرت فحقه ثابت ؛ قاله غير واحد من الرواة ، وقاله
المغيرة فيما ينقسم وفيما لا ينقسم ; لأن التأبير يمنع الثمرة من التبعية ويوجب لها تحققا في نفسها ، كما في البيع ، قال صاحب النكت : إذا مات أحدهم قبل طيب الثمرة وقد أنفق فلورثته الرجوع بها ، فإن طابت الثمرة ورجعوا بالأقل من نفقة الميت أو ما ينوبه من الثمرة بعد محاسبته بنفقتهم ، وكذلك لو حبس عليه خاصة ولو أجيحت لم يكن لورثته شيء وقيل يقوم أصحابه ; لأن النفقة كالاستحقاق ، والأول الصحيح ، ولو مات بعد الطيب فلورثته اتفاقا ؛ كانوا يبيعون الثمرة ، يلونها أم لا ، إنما الخلاف إذا مات قبل الطيب ولو حبس عليهم مكيلة معلومة فمات أحدهم قبل الطيب رجع للمحبس نصيبه اتفاقا ، إنما القولان إذا كانت جملة الثمرة لهم ، قال
ابن يونس : قال
محمد : لو ولد لأحدهم ولد بعد الإبار أو قبله فله حقه من الثمرة ، أو بعد طيبها فلا شيء له في ثمرة العام ، بل في المستقبل كالمشتري في البيع ، ولو
[ ص: 345 ] حبست حياة صاحبها فمات صاحبها بعد الطيب فهي لهم ، فإن أبرت ولم تطب فلورثته ، قال
اللخمي : إذا كانت الدار للغلة والعبد للخراج فنصيب الميت على القولين ، هل يرجع إلى أصحابه أو المحبس ؟ ، وعن
مالك في عبد الخدمة ودابة الركوب أن نصيبه لا يكون لأصحابه ، وهو أقيس لعدم الفرق بين ما يراد للغلة أو السكنى ; لأن كل واحد إنما عمل له جزء معلوم لا يزاد عليه ، فإن كانوا خمسة فقد جعل لكل واحد الخمس ، والمحبس أولى في استصحاب ملكه إلا أن تكون عادة ، وإن جعل لكل واحد سكنى بعينه ، أو خدمة العبد لفلان يوما بعينه ولفلان يومين ، وفي الثمار لفلان وسق ولفلان ثلاثة لم يرجع نصيبه إلى أصحابه ، بل للمحبس ; لأن قرينة التحويل تصيره أحباسا متباينة ، فلو أخرج الحائط أكثر من تلك التسمية فالفاضل للمحبس ، أو أقل تحاصوا ، وإن مات أحدهم ولم يوف الحائط حوصص بنصيب الميت ولا يرجع إليهم ، قال
مالك : إن سمى لأحدهم دون غيره بدئ بمن سمى له ; لأن التسمية دليل العناية إلا أن يعمل فيه فهو أولى بإجارته ، قال : وأرى إن سمى لأحدهم مكيلة وللآخر جزءا نحو : لزيد وسق ولعمرو ربع الثمرة ولخالد سدسها ولبكر نصف سدسها فجميع الأجزاء النصف ، فجاء نصفها عشرة أوسق ، أخذ كل واحد تسميته ، أو ثلاثين أخذ أرباب الأجزاء نصف الثمرة ، والأجزاء عشرة أوسق ، والباقي للمحبس ، أو لمن كان المرجع إليه ، فإن جاءت أقل من عشرين هل يتحاصون ، أو يسلم النصف للموصى له ويكون النقص على أرباب الأوسق وهو أحسن ، فإن قال من مات فنصيبه في وجه كذا فكما قال ولا ينظر موت أحدهم ، وإن قال : إن انقرضوا رجع في وجه كذا فمات أحدهم ، والمحبس هو الذي يلي السقي والعلاج هل نصيبه لأصحابه ، أو للمحبس حتى يموت آخرهم فيكون فيما ذكر مرجعا ، أو يجعل من الآن في ذلك وإلى المحبس
[ ص: 346 ] أحسن ; لأنه اشترط انقراض الجميع في المرجع .
فرع
في الكتاب : ما
بلي من الثياب حتى لا ينتفع به ، أو ضعف من الدواب بيع واشتري بثمن الدواب فرس أو برذون أو هجين ، فإن لم يبلغ أعين به في فرس ، وكذلك الفرس بكلب ، أو يخبث يباع ويشترى به فرس ، قال
ابن القاسم : وأما الثياب فيشترى بها ثياب ينتفع بها ، فإن لم تبلغ فيتصدق به في السبيل ، وروى غير
ابن القاسم : لا يباع ما حبس من عبد أو ثوب ، كما لا تباع الرباع ، قال صاحب التنبيهات : خبث بباء واحدة من تحتها وآخرها ثاء مثلثة ومعناه فسد وبطل ، وروي خبب بالباء المكسورة وآخرها باء بواحدة ومعناه هلك ، وليس المراد الهلاك بالكلية وإلا تعذر بيعه ، وإنما بطل ما يراد منه في الجهاد والوجه الذي حبس له ، وكلب بكسر اللام أصابه داء الكلب وهو السعر ، واختلف في تفريقه بين الثياب والخيل ، فقيل ليس بخلاف ، بل بحسب السؤال ، فقال ذلك في الخيل ; لأنها بقيت فيها منفعة الحمل وغير ذلك ، وقيل بل المقصود في الخيل المنفعة للغزو لا للغزاة فجعلت أثمانها في مثلها ، والثياب المنفعة بها للإنس فإذا بليت أعطيت أثمانها لهم عوضا عما كان لهم ، قال صاحب النكت : قيل لا فرق بين الثوب والفرس يخلق فإذا لم يجد ثيابا يشتري بها اشترك بها في ثوب ، كما في الفرس ، فإن تعذر ذلك فيهما تصدق بالثمن ، وإنما فرق بينهما في الكتاب لافتراق السؤال فتكلم في الثوب إذا تعذرت الشركة وفي الفرس إذا وجد ، والفرق بين الدار إذا خربت لا تباع وبين غيرها ، والعرصة يتوقع عمارتها بأجرتها سنين بخلاف الفرس والثوب ، قال
اللخمي : إذا انقطعت منفعة الحبس وعاد بقاؤه ضررا باعه ، وإن رجي عود منفعته امتنع ، فإن لم يكن ضررا ولا رجاء أجاز
ابن القاسم بيعه لعدم المنفعة ومنع غيره لعدم الضرر ، قال
أشهب :
[ ص: 347 ] إذا فضل عن عيش الرقيق المحبس في السبيل فضل فرق على فقراء ذلك الثغر ، فإن فضل عنهم ففي أقرب الثغور ، فإن انقطعت عليهم وخيف هلاكهم بيعوا وقسمت أثمانهم في السبيل ، أو اشتري بأثمانهم سلاح السبيل ولا يباعوا ما دام كسبهم يقوم بهم ، قال : وقوله ضررا إذا كان النقص للكساد في صنعتهم ويرجى عود منفعتهم ، وإن كان لأنهم أسنوا ولا يرجى منفعتهم بيعوا على قول
مالك ، وأما الفرس يكلب إن كان يعلف من بيت المال بيع ; لأنه ضرر ، أو يرعى ففي بيعه القولان ، ولذلك تباع الدار إذا بعدت بعدت عن العمران ، ولم يرج صلاحها على القولين ، وينبغي المنع سرا لذريعة بيع الوقف ، وأما ما في المدينة ، فقد يعمره أحد احتسابا لله ، قال : ومن قطع النخل أو قتل العبد أو الفرس غرم القيمة ، فإن كان في السبيل وعلى الفقراء جعلت تلك القيمة في بناء تلك الدار ، وكذلك النخل والفرس ، وعلى قول
أشهب : يصرف فيما يرى أنه أفضل ، فإن كان الحبس على معين سقط حقه على ما في الكتاب وعاد لحقه في تلك القيمة عند
محمد .
فرع
في الكتاب :
إذا مات العبد أخلف بماله مكانه ; لأنه ملكه كقيمته إذا قتل أو ثمنه إذا بيع ، وإن حبسه على رجل حياة العبد رجع ماله لسيده ; لأنه إنما خرج عن ملكه منافعه .
فرع
في الكتاب :
حبس داره على فلان وعقبه ، أو على ولده ، أو قال على ولدي ولم يجعل لها مرجعا فهي وقف لا تباع ولا تورث وترجع بعد انقراضهم حبسا على أولى الناس بالوقف يوم المرجع ، وإن كان حيا ، وإن قال : هي صدقة على فلان وولده ما عاشوا ولم يذكر مرجعا فانقرضوا رجعت موقفا على فقراء أقرب الواقف لقرينة الصدقة ، قال غير
ابن القاسم : كل حبس أو صدقة أو حبس على مجهول من يأتي نحو على ولدي ولم يسمهم ، فإنه مجهول فذلك كله حبس .
[ ص: 348 ] قال صاحب التنبيهات : فيها أربعة أقسام ; لأن المحبس عليه إما معين أو لا ، والمعين إما محصور أو لا ، ولكل قسم حكم ، فمتى عين شخصا فقال على فلان وأولاد فلان وعينهم فهل يكون مؤبدا ؟ فإن مات رجع حبسا على أقرب الناس بالمحبس ، فإن لم يكن له قرابة فالفقراء نظرا للفظ الحبس ، أو يرجع ملكا للواقف ولورثته كالعمرى ؛ قولان
لمالك ، وإن حبس على معينين محصورين فقولان
لمالك كما تقدم ، والمعينين غير المحصورين نحو في السبيل ، أو وقود مسجد كذا ، أو إصلاح قنطرة كذا فهو كالحبس المبهم المتقدم ، ويوقف على التأبيد ، فإن تعذر ذلك الوجه ولا يطمع في بنائه صرف في مثله وفي محصورين غير معينين يتوقع انقراضهم نحو بني زيد ، أو عقبه ، أو فرس حبس على من يغزو في هذه الطائفة ، أو طلب العلم بمدينة كذا فكالحبس المبهم المطلق يتأبد ويرجع بعد انقراض الوجه مرجع الأحباس على مذهبه في المدونة ، وقال ابن الجلاب : يعود ملكا ، واختلف هل بني زيد مثل ولد زيد فيمن وجد ومن لم يوجد ، يتأبد أم لا ، وأما غير المعينين وغير المحصورين نحو بني تميم ، أو المجاهدين ، أو إصلاح المساجد ، أو طلب العلم فيتأبد كالمطلق ، وإن حبس على معدوم بعد وجود غير محصورين نحو : على أولادي وبعدهم للمساكين ولم يترك ولدا ، أو أيس من الولد فعند
ابن القاسم يرجع ملكا ، وعند
عبد الملك يرجع حبسا للمساكين ، وإن جعل مكان الحبس للوقف فحكى البغداديون أنه ينفذ حبسا ؛ كان على معينين أو مجهولين ، أو محصورين أو غير محصورين ، وأنه لا يختلف فيه ، وقال غيرهم : اللفظان سواء في الخلاف والاتفاق ؛ فأما إن قال صدقة وعينها لشخص فهي ملك له ، أو على مجهولين غير محصورين نحو المساكين قسمت عليهم أو ثمنها أو أنفقت فيما يحتاجه ذلك الوجه المجهول ولا يكون حبسا ، وإن قال في
[ ص: 349 ] الصدقة على مجهولين محصورين مما يتوقع انقطاعهم نحو ولد فلان قال في الكتاب : حبس مؤبد ، ويرجع بعد انقراضهم مرجع الأحباس سواء قال ما عاشوا أم لا ، وعنه : يرجع لآخر المحبس عليهم ملكا ، وقيل حكمها حكم العمرى ، وهذا كله إذا أفرد هذه الألفاظ فمتى قيدها بصفة أو أجل أو شرط اختلف حكمها ، فمتى قال حبس ، أو وقف ، أو صدقة سنة ، أو حياتي على معينين أو مجهولين أو معدوم فهي هبة منفعة وعمرى إلى أجل اتفاقا ، وترجع عند انقضاء الأجل لربها أو لورثته ، وإن قال في المعينين حياته ، أو ما عاش اختلف حكم الألفاظ ؛ فالصدقة عمري والحبس مثل ذلك لا يتغير حكمه ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، وقال
محمد : هو عمري اتفاقا ، وأما المجهول المحصور إن قيده بحياتهم ، أو ما عاشوا ففي الكتاب حبس مؤبد ، وقال مطرف : عمري لأجل التقييد ، ومتى قال : في جميع هذه محرم لا يباع ولا يورث تأبد اتفاقا لأجل هذه القرائن التأكيدية .
فرع
قال
ابن يونس :
أقرب الناس بالمحبس الذي يرجع الحبس إليهم بعد انقراض الحبس ، قال
مالك : الأقرب من العصبة ومن النساء من لو كانت رجلا كانت عصبة للمحبس ، ولا يدخل ولد البنات ولا بنو الأخوات ولا الزوجات ، بل مثل العمات والجدات وبنات الأخ والأخوات الشقائق ، أو لأب دون الأخوة للأم ، واختلف في الأم ; فقال
ابن القاسم : تدخل ، وقال
عبد الملك : لا تدخل الأم ولا أحد من الإناث إلا من يرثه منهن كالبنات وبنات الأبناء والأخوات ، وأما الأم فلا ; لأنها ليست من النسل ، ولا تدخل العمة ولا بنت العم ولا بنت الأخ ، وإن كان أخا وأختا فذلك بينهما نصفان ; لأنها لو كانت وحدها أخذت الجميع ؛ كان في أصل الحبس للذكر مثل حظ الأنثيين أم لا ، فإن اجتمع النساء المعتبرات والعصبة دونهن ، قال
مالك : يدخلون كلهم إلا أن لا يكون سعة ، فيبتدأ بإناث ذكور ولده على العصبة الأقرب فالأقرب ، وكذلك العصبة الرجال
[ ص: 350 ] يبدأ الأقرب فالأقرب ، ويدخل الموالي إذا لم تكن العصبة أقرب منهم ; لأن الولاء لحمة كلحمة النسب ، وإذا انفرد النساء قسم على قدر الحاجة ، قال : ولا يعجبني قوله إلا أن يفضل عنهن وما حصل رجع عليهن ; لأن أهل الأحباس إذا استووا في الحاجة والغنى لم يصرف إلى غيرهم ، وقال
عبد الملك :
لا يفضل الفقير على الغني إلا بشرط من المحبس ; لأن الواقف علم أن الفقير يكون فيهم والغني ولم يتعرض لذلك ، وقال
محمد : ينظر إلى أول حبسه إن أراد به المسكنة جعل مرجعه كذلك ، وأحرم الغني ملاحظة لغرضه وإلا أعطى الجميع ، ورجح أهل الحاجة ؛ قاله
مالك ، وإن كانوا أغنياء قدم الأقرب فالأقرب ، وإن اشترط للذكر مثل حظ الأنثيين بطل الشرط ; لأنه لم يتصدق عليهم ولأنه لو كان له ذلك اليوم ابنة ، أو أخت اختصت بالجميع ، قال
اللخمي : عن
ابن القاسم إذا لم يترك إلا ابنة لم يكن لها شيء ، وإنما هو للعصبة ، قال : والأصوب إعطاء الأقرب فالأقرب من النساء إذا كن فقراء من قبل الرجال أو النساء ; لأن المرجع ليس فيه شرط .
فرع
في الكتاب : إذا
حبس فرسا على رجل وشرط على المحبس عليه حبسه سنة وعلفه فيها ثم هو بتل بعدها وقال أيضا إن دفعه يغزو عليه ثلاث سنين ينفق عليه فيها ثم هو للمعطي بعد الأجل امتنع ; لأنه غرر فقد يهلك الفرس قبل الأجل فيذهب علفه باطلا ، قال
ابن القاسم : وأنا أرى إن لم يمض الأجل أن يخير الذي حبس الفرس بين ترك الشرط وتبتيله ، أو أخذه ويرد للرجل ما أنفق ، وإن مضى الأجل وكان الذي يبتل له بعد الأجل بغير قيمة ، قال صاحب النكت : قال أبو
محمد : جواب المسألتين واحد والفرس فيهما بعد الأجل ملك ،
[ ص: 351 ] وقيل المسألتان مفترقتان لذكر التخيير في الأولى فهي بعد الأجل حبس على المعطي لا ملك ، ولم يذكره في الثانية فيكون بعد الأجل ملكا للمعطي ، ولو لم يكن الأول حبسا كيف أسقط
ابن القاسم القيمة بعد الأجل ; لأنه إن كان كراء فاسدا كيف أمضاه ، أو بيعا فاسدا أسقط القيمة فكيف بأخذه بغير قيمة ؟ بل هو بيده بعد السنة حبسا توفية بالشرط ، فيرجع المعطى على رب الفرس بما اتفق عليه في السنة ، قال
أبو الحسن : فإن أدرك في الأول قبل تمام السنة خير المحبس بين تنفيذ الحبس وإسقاط الشرط ويدفع ما انفق على الفرس ; لأن النفقة لذلك الشرط ، وبين أخذ الفرس ودفع النفقة ، وإنما أسقط القيمة بعد فوت الأجل ; لأن الفوت من قبل المحبس يخالف العبد يشتريه على أنه مدبر وفوته من قبل المشتري وبنفس الشراء يكون مدبرا ، والفرس بتمام الأجل يكون حبسا ، قال
أبو الحسن : ومبنى الثانية أن ثواب الغزو للدافع فصارت النفقة في الأجل ثمن المبيع بعد الأجل ، فإن أدرك قبل الأجل خير الدافع بين الإمضاء بغير شرط ودفع النفقة وبين ارتجاع فرسه وغرم النفقة ، وإن لم يعلم حتى مضى الأجل ولم يتغير الفرس بحوالة سوق فسخ البيع ; لأنه الآن صار بيعا فاسدا ويرد ويغرم النفقة ، وإن فات بشيء من وجوه الفوت غرم القابض قيمته من حين حل الأجل ; لأنه من ذلك اليوم ضمنه ، وإن قبضه للغزو عليه بنفسه عن الدافع رجع عليه بأجرة مثله إن غزا عنه وإن غزا لنفسه ، إلا أن أجر الفرس للدافع فقد انتفع بالركوب فعليه أجرة الركوب ، وهذا كله فيما كان قبل الأجل ، وأما بعده فالأجرة ساقطة فيما استعمله بعد الأجل ; لأنه ضمن الفرس والأجرة المتقدمة لا تسقط ، وكذلك يرجع المنفق بالنفقة قبل الأجل ، وإن فات الأجل وضمن القيمة لتقررها قبل ذلك ، وقال يحيى بن عمر في اشتراط مرمة الدار : إن وقع مضى الحبس وسكن ، فإن احتاجت إلى مرمة الدار إن وقع ، مضى الحبس
[ ص: 352 ] وسكن ، فإن احتاجت إلى مرمة أخرجناه منها وأكريناها بقدر مرمتها ثم يعود إلا أن يقول : أنا أسكن وأرم بقدر ما يكترى من غيري فذلك له ، فإن رم وبنى بمقتضى الشرط قيل يعطى ما أنفق أيضا ، ولا يعطى قيمة ذلك مقلوعا ، ولو قيل له خذها على هذا وعلى أن تبني في موضع منها بنيانا كثيرا فهاهنا إنما يعطى ما أنفق أيضا ولا يعطى قيمة ذلك منقوضا ، بخلاف إذا أعاره بشرط بقاء البناء له بعد الخروج من السكنى متى شاء يعطى قيمة البناء منقوضا ; لأنه بنى لنفسه بخلاف الأول ، قال صاحب التنبيهات : إذا أسكنه سنين مسماة ، أو حياته على أن عليه مرمتها فهو كراء مجهول ، وإن أعطاه رقبتها على أن ينفق عليه فبيع فاسد ، والغلة للمعطى بالضمان وترد لربها ويتبعه بما أنفق عليه .