16055 - سئل مالك عن رجل من أهل مكة ، خرج إلى الرباط أو إلى سفر من الأسفار ، ثم رجع إلى مكة . وهو يريد الإقامة بها . كان له أهل بمكة أولا أهل له بها فدخلها بعمرة في أشهر الحج ، ثم أنشأ الحج ، وكانت عمرته التي دخل بها من ميقات النبي - صلى الله عليه وسلم - أو دونه ، أمتمتع من كان على تلك الحالة ؟ فقال مالك : ليس عليه ما على المتمتع من الهدي أو الصيام . وذلك أن الله - تبارك وتعالى - يقول في كتابه : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) [ البقرة : 196 ] .
16056 - قال أبو عمر : أما قول مالك : فليس عليه هدي يريد أنه ليس بمتمتع فلذلك لم يلزمه الهدي ، ولو كان متمتعا للزمه الهدي في التمتع عند جمهور [ ص: 220 ] العلماء .
16057 - هذا الذي لا يرجع إلى بلده ويحج من عامه .
16058 - وروي عن الحسن في ذلك خلاف ما عليه الجمهور ، وذلك أنه قال : عليه الهدي حج أو لم يحج ، رجع إلى بلده أو لم يرجع ; لأنه كان يقول : عمرة في أشهر الحج متعة .
16059 - وروى شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتمرون في أشهر الحج ثم يرجعون فلا يهدون فقلت nindex.php?page=showalam&ids=15990لسعيد بن المسيب : فإن حج من عامه ؟ فقال : فعليه الهدي .
16060 - قال قتادة : وقال الحسن : عليه الهدي حج أو لم يحج .
16061 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم بن بشير ، عن الحسن مثله ، قال : عليه الهدي حج أو لم يحج .
16063 - وروى هشيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : من اعتمر في أشهر الحج ثم أقام حتى يحج فهو متمتع وعليه الهدي ، فإن رجع إلى مصره ، ثم حج من عامه فلا شيء عليه .
16064 - قال أبو عمر : على قول سعيد هذا فقهاء الأمصار وجمهور العلماء .
16065 - وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس في التمتع قولان هما أشد شذوذا مما ذكرنا عن الحسن .
[ ص: 221 ] 16066 - ( أحدهما ) : أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم أقام حتى الحج ، ثم حج من عامه فهو متمتع ، وهذا لم يقله أحد من العلماء غيره فيما علمت .
16067 - وذلك - والله أعلم - أن شهور الحج أحق بالحج من العمرة ; لأن العمرة جائزة في السنة كلها ، والحج إنما موضعه أشهر معلومات فإذا جعل أحد العمرة في أشهر الحج ولم يحج العام فقد جعل العمرة في عام كان الحج أولى بها . ثم رخص الله ( عز وجل ) في كتابه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - في العمرة في أشهر الحج للمتمتع وللقارن ولمن شاء أن يفردها في أشهر الحج .
16068 - ( والقول الآخر ) : قاله في المكي إذا تمتع من مصر من الأمصار فعليه الهدي . وهذا لم يعرج عليه أحد ; لظاهر قول الله - عز وجل - : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) [ البقرة : 196 ] .
16070 - قال مالك : عمرته في الشهر الذي حل فيه . يريد إن كان حل منها في غير أشهر الحج فليس بمتمتع . وإن كان حل منها في أشهر الحج فهو متمتع إن حج من عامه .
[ ص: 222 ] 16073 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا طاف بالبيت في أشهر الحج بالعمرة فهو متمتع إن حج من عامه ذلك ، وذلك أن العمرة إنما تكمل بالطواف بالبيت ، وإنما ينظر إلى كمالها .
16076 - قال : من مات من أولئك قبل أن يرمي جمرة العقبة فلا أرى عليه هديا ، ومن رمى ثم مات فعليه الهدي .
16077 - قيل له : فالهدي من رأس المال أو من الثلث ؟ قال : بل من رأس المال .
16078 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا أحرم بالحج فقد وجب عليه دم المتعة إذا كان واجدا لذلك .
16079 - ذكره الزعفراني عنه .
[ ص: 223 ] [ ص: 224 ] 16080 - وهو قول الكوفيين .
16081 - وقال ربيعة : إذا أهل المتمتع بالحج ثم مات من ساعته أو قبل أن يصوم ، ففيه قولان : أحدهما أن عليه دم المتعة ; لأنه دين عليه ولا يجوز أن يصام عنه ، والآخر أنه لا دم عليه ; لأن الوقت الذي قد وجب عليه الصوم قد مات فيه .
16082 - واتفق مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهم أن المتمتع إذا لم يجد هديا صام ثلاثة أيام إذا أحرم بالحج إلى آخر يوم عرفة .
16083 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور .
16084 - وقال عطاء : لا بأس أن يصوم المتمتع في العشر ، وهو حلال قبل أن يحرم .
16085 - وقال مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس : إذا صامهن في أشهر الحج أجزاه .
16086 - وقال مالك : إن صام بعد إحرامه بالعمرة ، وهو يريد أن يتمتع بالعمرة إلى الحج لم يجزه ، ولكن يصوم ما بين إحرامه بالحج إلى يوم عرفة .
16087 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
16088 - وروي عن عائشة ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر مثل ذلك .
16089 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وأبو حنيفة : إن من صام بعد إحرامه بالعمرة أجزاه .
16590 - وقال زفر : إذا بدأ بالحج فأحرم به وهو يريد أن يضيف إليه عمرة فصام قبل إحرامه للعمرة أجزاه .
16091 - وقال أبو يوسف : إن بدأ بإحرام العمرة فصام قبل إحرام الحج أجزاه ، وإن بدأ بإحرام الحج فصام قبل إحرام العمرة يجزيه .
16092 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد : إن أحرم بالعمرة لم يجزه الصوم حتى يحرم [ ص: 225 ] بالحج .
16093 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار .
16096 - قال مالك : يصومها في أيام التشريق ، فإن فاته ذلك صام عشرة أيام إذا رجع إلى بلاده وأجزاه . وإن وجد هديا بعد رجوعه وقبل صومه أهدى قبل أن يصوم .
16097 - وقال أبو حنيفة : إذا لم يصم الثلاثة الأيام في الحج لم يجزه الصوم بعد وكان عليه هديان : هدي لمتعته أو قرانه ، وهدي لتحلله من غير هدي ولا صيام .
16098 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : إذا لم يصم الثلاثة الأيام في الحج ولا سبيل إلى الصيام بعد .
16099 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : لا يقضى يوم النحر حتى يهدي أو يصوم ، فإن لم يهد حتى رجع إلى بلاده فعليه هدي ويصوم عشرة أيام في بلده ، ويهدي إن وجد .
16100 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قولان : أحدهما قول مالك ، والآخر كقول أبي حنيفة .
16101 - واختلف قوله في صيام أيام منى للمتمتع إذا لم يجد الهدي ، فقال بالعراق : يصومها . كقول مالك . وقال في مصر : لا يصومها أحد لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامها .
16103 - ذكر ابن وهب عن مالك ، قال : إذا دخل في الصوم فإن وجد هديا فأحب إلي أن يهدي ، فإن لم يفعل أجزاه الصيام .
16104 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم وغيره عن مالك في هذا الباب أن المتظاهر والحالف إن دخل أحدهم في الصيام ، ثم وجد المتمتع الهدي أو وجد المتظاهر الرقبة ، والحالف ما يطعم أو يكسو أن كل واحد منهما بالخيار بعد دخوله في الصوم أنه إن شاء فادى في الصوم وإن شاء رجع إلى ما كان عليه .
16105 - وقال أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : لا يجزئ الصوم واحدا منهم إذا وجد قبل أن يتم صومه .
16156 - وهو قول عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16542وعثمان البتي ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح .
16107 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يمضي في صومه وهو فرضه كما يمضي في الصلاة بالتيمم إذا طرأ عليه الماء وهو فيها .
16108 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور .
16109 - وقال أبو حنيفة : إذا أيسر المتمتع في يوم الثلاث من صومه يصل الصوم ، ووجب الهدي ، فإن صام ثلاثة أيام في الحج كاملة ثم أيسر كان له أن يصوم السبعة الأيام ولا يرجع إلى الهدي .
16110 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : إذا وجد ما يذبح قبل أن يحل من حجه فليذبح . وإن كان قد صام لم يجد ما يذبح حتى يحل فقد أجزاه الصوم .
16111 - وقال عطاء : إن صام . ثم وجد ما يذبح ; فليذبح حل أو لم يحل ما كان في أيام التشريق .
16113 - ذكر ابن وهب عن مالك ، قال : من نسي صوم الثلاثة الأيام في الحج أو مرض فيها ، فإن كان بمكة فليصم الثلاثة الأيام فيها ، وليصم إذا رجع إلى أهله سبعة . وإن كان رجع إلى أهله فليهد إن قدر . فإن لم يقدر فليصم ثلاثة وسبعة بعدها .
16114 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، وتحصيل مذهبه أنه إذا قدم بلده ولم يصم ثم وجد الهدي لم يجزه الصوم ولا يصوم إلا إذا لم يجد هديا .
16115 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا انقضى يوم عرفة ، ولم يصم الثلاثة الأيام فعليه دم .
16116 - واتفق مالك وغيره ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور على أن المتمتع يطوف لعمرته بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، وعليه بعد ذلك طواف آخر لحجه ، وسعي آخر بين الصفا والمروة .
16117 - وروي عن عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، ومجاهد أنه يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة .
16119 - قال مالك : إن كان متمتعا حل إذا طاف وسعى ولا ينحر هديه إلا بمنى إلا أن يكون مفردا للعمرة ، فإن كان مفردا للعمرة نحره بمكة ، وإن كان قارنا نحره بمنى .
16120 - ذكره ابن وهب ، وغيره عن مالك .
16121 - وقال مالك : من أهدى هديا للعمرة وهو متمتع لم يجزه ذلك ، وعليه هدي آخر لمتعته ; ولأنه إنما يصير متمتعا إذا أنشأ الحج بعد أن حل من عمرته ، وحينئذ يجب عليه الهدي .
[ ص: 228 ] 16122 - وقال أبو حنيفة ، وأبو بكر ، ومحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : لا ينحر المتمتع هديا إلا يوم النحر .
16123 - وقال أحمد : إن قدم المتمتع قبل العشر طاف وسعى ونحر هديه ، وإن قدم في العشر لم ينحر إلا يوم النحر .
16124 - وقاله عطاء .
16125 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يحل من عمرته إذا طاف وسعى ، ساق هديا أو لم يسق .
16126 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : يحل ولكن لا ينحر هديه حتى يحرم بالحج وينحره يوم النحر .
16127 - وقول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في مسائل المتمتع المذكورة كلها في هذا الباب كقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي سواء .
16128 - قال أبو حنيفة ، وأصحابه : إذا لم يسق المتمتع هديا فإذا فرغ من عمرته كان حلالا ، ولا يزال كذلك حتى يحرم بالحج فيصير حراما ، ولو كان ساق الهدي لمتعته لم يحل من عمرته حتى يحل من حجه ; لأنه ساق الهدي معه .
16129 - وحجتهم في ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن حفصة قالت : " ما بال الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك ؟ . . . "
16131 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وما يكون متمتعا إذا استمتع بإحلاله إلا أن يحرم بالحج يوم التروية ، فأما من لم يحل من المعتمرفإنما هو قارن لا متمتع ، وبالله التوفيق .