[ ص: 45 ] 18015 - قال مالك ، في العبد يعتق في الموقف بعرفة : فإن ذلك لا يجزي عنه من حجة الإسلام . إلا أن يكون لم يحرم ، فيحرم بعد أن يعتق . ثم يقف بعرفة من تلك الليلة قبل أن يطلع الفجر فإن فعل أجزأ عنه ، وإن لم يحرم حتى طلع الفجر ، كان بمنزلة من فاته الحج . إذا لم يدرك الوقوف بعرفة ، قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة ، يكون على العبد حجة الإسلام يقضيها .
18016 - قال أبو عمر : لم يذكر يحيى عن مالك في " الموطأ " الصبي يحرم مراهقا ثم يحتلم وهو ذلك عندهم وحكم العبد سواء .
18017 - واختلف الفقهاء في الصبي المراهق والعبد يحرمان بالحج ، ثم يحتلم هذا ويعتق هذا قبل الوقوف بعرفة .
[ ص: 46 ] 18018 - فقال مالك وأصحابه برفض تجديد الإحرام ، ويتماديان على إحرامهما ولا يجزيهما حجهما ذلك عن حجة الإسلام .
18019 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا أحرم الصبي والعبد بالحج ، فبلغ الصبي وعتق العبد قبل الوقوف أنهما يستأنفان الإحرام ويجزيهما عن حجة الإسلام ، وعلى العبد دم لتركه الميقات ، وليس على الصبي دم .
18023 - قال أبو عمر : قال بهذه الأقوال الثلاثة جماعة من التابعين وفقهاء المسلمين .
18024 - وحجة مالك أمر الله - عز وجل - كل من دخل في حج أو عمرة بإتمامه حجه تطوعا كان أو فرضا لقوله - عز وجل - وأتموا الحج والعمرة لله ومن رفض إحرامه فلم يتم حجه ولا عمرته .
[ ص: 47 ] 18025 - وحجة أبي حنيفة أن الحج الذي كان فيه لما لم يكن يجزي عنه ، ولم يكن الفرض لازما له حين أحرم به ثم لزمه حين بلغ استحال أن يشتغل عن فرض قد تعين عليه بنافلة ويعطل فرضه ، كمن دخل في نافلة فقامت عليه المكتوبة فخشي فوتها قطع النافلة ودخل في المكتوبة فأحرم لها .
18026 - وكذلك الحج عنده يلزمه أن يجدد الإحرام له ; لأنه لم يكن للفريضة ، وإنما وجب على العبد لأنه مكلف يلزمه العبادات ويجزيه حجه عند بعض الناس .
18027 - والجمهور متفقون أن العبد لا يدخل الحرم إلا محرما ، والصبي غير مكلف فلا يلزمه الإحرام ولا غيره ، فافترقا لهذه العلة .