105 - مالك ، عن علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه ، مولاة عائشة أم المؤمنين ؛ أنها قالت : كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف ، فيه الصفرة من دم الحيضة ، يسألنها عن الصلاة . فتقول [ ص: 192 ] لهن : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء . تريد بذلك ؛ الطهر من الحيضة .
106 - عن nindex.php?page=showalam&ids=16397عبد الله بن أبي بكر ، عن عمته عن ابنة nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ؛ أنه بلغها أن نساء كن يدعون بالمصابيح من جوف الليل ، ينظرن إلى الطهر ، فكانت تعيب ذلك عليهن . وتقول : ما كان النساء يصنعن هذا .
3354 - وفي حديث عائشة هذا ما كان نساء السلف عليه : من الاهتبال بأمر الدين ، وسؤال من يطمع بوجود علم ما أشكل عليهن عنده قالت عائشة : رحم الله نساء الأنصار ؛ لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن أمر دينهن .
3355 - قال أبو عمر : وهكذا المؤمن مهتبل بأمر دينه فهو رأس ماله كما قال الحسن : رأس مال المؤمن دينه لا يخلفه في الرحال ولا يأتمن عليه الرجال .
3356 - وأما قوله : " الدرجة " فمن رواه هكذا فهو على تأنيث الدرج وكان الأخفش يرويه الدرجة ، ويقول : ( هي ) جمع درج ، مثل خرجة وخرج ، وترسة ، [ ص: 193 ] وترس .
3357 - وأما الكرسف : فالقطن ، والصفرة : بقية دم الحيض .
3358 - واختلف قول مالك في الصفرة والكدرة .
3359 - ففي " المدونة " لابن القاسم عنه : أنه قال في المرأة ترى الصفرة والكدرة في أيام حيضتها وفي غير أيام حيضتها ، قال مالك : ذلك حيض ، وإن لم تر مع ذلك دما .
3362 - وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، وعبيد الله بن الحسين فهو : أن الصفرة والكدرة حيض في أيام الحيض .
3363 - وهو قول أبي حنيفة ، ومحمد .
3364 - وقال أبو يوسف : لا تكون الكدرة حيضا إلا بأثر الدم .
3365 - وهو قول داود : أن الصفرة والكدرة لا تعد حيضا إلا بعد الحيض لا قبله ؛ لأن الأمة قد اختلفت فيهما قبل الحيض وبعده ، فما اختلفوا فيه من ذلك قبل لم يثبت ، إذ لا دليل عليه .
3366 - وأما اختلافهم فيهما بعد فلن يزول ما أجمعوا عليه إلا بالإجماع ، وهو : النقاء بالجفوف والقصة البيضاء .
[ ص: 194 ] 3367 - واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية : " كنا لا نعد الصفرة ولا الكدرة بعد الغسل شيئا " .
3368 - قال : تريد بعد الطهر ، وأما ما اتصل منها بالحيض فهو من الحيض .
3369 - قال أبو عمر : القياس أن الصفرة والكدرة قبل الحيض وبعده سواء كما أن الحيض في كل زمان سواء وما احتج به داود لا معنى له .
3370 - واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأصحاب أبي حنيفة في ذلك أيضا : فمرة قالوا : الصفرة والكدرة حيض في أيامها المعهودة ، ومرة قالوا : ليس ذلك بحيض على جميع الأحوال .
3371 - ولم يختلف قول مالك وأصحابه أنها حيض في أيام الحيض .
3372 - وأما قول عائشة : " لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء " فإنها تريد : لا تعجلن بالاغتسال إذا رأيتن الصفرة ؛ لأنها بقية من الحيضة ، حتى ترين القصة البيضاء ، وهو الماء الأبيض الذي يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض ( يشبه ) لبياضه بالقص . وهو الجص .
[ ص: 195 ] 3374 - واختلف أصحاب مالك عنه في علامة الطهر :
3375 - ففي " المدونة " قال مالك : إذا كانت المرأة ممن ترى القصة البيضاء فلا تصلي حتى تراها ، إلا أن يطول ذلك بها .
3376 - وقال ابن حبيب : تطهر بالجفوف . وإن كانت ممن ترى القصة البيضاء .
3377 - قال : والجفوف أبرأ للرحم من القصة البيضاء فمن كان طهرها القصة البيضاء فرأت الجفوف فقد طهرت .
3378 - قال : ولا تطهر التي طهرها الجفوف برؤيتها القصة البيضاء ، حتى ترى الجفوف .
3379 - قال : وذلك أن أول الحيض دم ، ثم صفرة ، ثم كدرة ، ثم يكون نقاء كالقصة ثم ينقطع . فإذا انقطع قبل هذه المنازل فقد برئت الرحم من الحيض .
3380 - قال : والجفوف أبرأ ، وأوعب وليس بعد الجفوف انتظار شيء .
3381 - وأما قول ابنة nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت فإنما أنكرت على النساء افتقادهن أحوالهن في غير أوقات الصلوات وما قاربها ؛ لأن جوف الليل ليس بوقت للصلاة ، وإنما على النساء افتقاد أحوالهن ( للصلاة ) في أوقات الصلوات فإن كن قد طهرن تأهبن بالغسل لما عليهن من الصلاة .
[ ص: 196 ] 3382 - وفي هذا الباب : سئل مالك عن الحائض تطهر ، فلا تجد ماء : أتتيمم ؟ قال : نعم ، فإن مثلها مثل الجنب إذا لم يجد الماء تيمم . وهذا إجماع - كما قال - مالك - لا خلاف فيه ، والحمد لله ه .