1328 - قال مالك : الأمر عندنا فيما كان مما يوزن من غير الذهب والفضة . ومن النحاس والشبه والرصاص والآنك والحديد والقضب والتين والكرسف . وما أشبه ذلك مما يوزن فلا بأس بأن يؤخذ من صنف واحد . اثنان بواحد . يدا بيد . ولا بأس أن يؤخذ رطل حديد برطلي حديد . ورطل صفر . برطلي صفر .
قال مالك : ولا خير فيه ، اثنان بواحد من صنف واحد . إلى أجل . فإذا اختلف الصنفان من ذلك . فبان اختلافهما . فلا بأس بأن يؤخذ منه اثنان بواحد . إلى أجل . فإن كان الصنف منه يشبه الصنف الآخر . وإن اختلف في الاسم . مثل الرصاص والآنك والشبه والصفر فإني أكره أن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل .
قال مالك : وما اشتريت من هذه الأصناف كلها . فلا بأس أن تبيعه قبل أن تقبضه من غير صاحبه الذي اشتريته منه . إذا قبضت ثمنه ، إذا كنت اشتريته كيلا أو وزنا . فإن اشتريته جزافا فبعه من غير الذي اشتريته منه بنقد . أو إلى أجل . وذلك أن ضمانه منك إذا اشتريته جزافا . ولا يكون ضمانه منك إذا اشتريته وزنا ، حتى تزنه وتستوفيه . وهذا أحب ما سمعت إلي في هذه الأشياء كلها وهو الذي لم يزل عليه أمر الناس عندنا .
29625 - قال أبو عمر : الصفر : النحاس المصنوع الأصفر .
[ ص: 164 ] 29626 - والشبه : ضرب منه يقال له اللاطون ، والآنك : القزدير .
29627 - وقال الخليل : الآنك : الأسرب ، والقطعة منها أنكة .
29628 - والقضب : هو القضقضة .
29629 - والكرسف : القطن .
29630 - فما كان من هذه الأشياء كلها . فلا ربا فيها عند مالك إذا اختلفت أصنافها لا من تفاضل ، ولا في نسيئة .
29632 - فإن باع الصنف الواحد اثنين بواحد يدا بيد جاز ، لأنه ارتفعت فيه التهمة ، وبعدت منه الظنة ، وعلم أنه لم يدخله شيء من القرض ، وهو السلف .
29633 - هذا أصل مالك ، وأصحابه في كل ما عدا المأكول ، والمشروب ، والذهب والورق ، إلا أن مالكا كره الفلوس اثنين بواحد ، يدا بيد ، فخالف أصله في ذلك ، ورآها كالذهب ، والفضة ، وحمل ذلك عند أصحابه على الكراهة ، لا على التحريم ، فلا .
[ ص: 165 ] 29634 - وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فلا ربا عنده في شيء من ذلك كله على حال من الأحوال .
29635 - وجائز عنده بيع كل صنف منه يدا بيد ، ونسيئة كيف شاء المتبايعان اثنان بواحد ، وأكثر .
29636 - ولا يتهم أحد ذكر بيعا ؛ لأنه أراد سلفا كما لو قال : أسلفك لم يكن عنده بمعنى بعتك .
29637 - أما الكوفيون ، فقد ذكرت ذلك فيما تقدم من أبواب هذا الكتاب أن الكيل ، والوزن عندهم فيما لا يؤكل ، ولا يشرب كالجنس من المأكول ، والمشروب ، كل واحد منهما بانفراده يحرم النسيئة فيه ، فإن اختلف الجنسان حرمت النسيئة فيهما دون التفاضل ، وأما التفاضل ، فلا يحرم إلا باجتماع الجنس ، أو الكيل ، أو الوزن .
29638 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا يجوز الحديد بالحديد ، ولا الصفر بالصفر ، ولا النحاس بالنحاس إلا واحدا بواحد . ولا يجوز نسيئة .
29639 - وأجازوا سكينا بسكين ، لأن ذلك قد خرج من أن يباع وزنا .
29640 - وكذلك عندهم حكم كل آنية تصنع من الحديد وغيره .
29641 - ولا يجوز ذلك عندهم ، ولا عند أحد من العلماء في آنية الذهب ، والفضة .
[ ص: 166 ] 29642 - وهذا ترك منهم للقياس ؛ لأن الإجماع لما انعقد في آنية الذهب والفضة كالعين ، والتبر من الذهب وآنية الفضة كالتبر ، والعين من الفضة وجب أن يكون ما خرج من الصنعة في الحديد ، ومن النحاس ، ومن الصفر ، وكالحديد ، وكالنحاس ، وكالصفر ، وخلاف هؤلاء في آنية الحديد بالحديد ، كخلاف مالك - رحمه الله - في الفلوس .
29643 - ونذكر هاهنا اختلافهم في الفلوس ملخصا بحمد الله تعالى .
29644 - قال مالك : لا يجوز بيع فلس بفلسين ، يدا بيد ، فجعل الفلوس هاهنا كالذهب ، أو كالفضة ، وقال : لا بأس ببيع الفلوس بالذهب والورق ، فإن لم يتقايضا جميعا حتى افترقا ، فأكرهه ، وأفسخ البيع فيه ، ولا أراه كتحريم الدنانير والدراهم .
29645 - وقول عبيد الله بن الحسن في بيع فلس بفلسين كقول مالك .
29646 - وهو قول محمد بن الحسن .
29647 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : لا بأس ببيع فلس ، بفلسين .
29648 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
29649 - وزاد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فأجاز السلم في الفلوس ، ولا ربا عنده في غير الذهب ، والورق ، والمأكول كله ، والمشروب لا في نسيئة ، ولا في تفاضل .
29652 - قال : وإن لم يقبض واحدا منهما حتى افترقا بطل العقد ، ليس لأنه فرق ، ولكن ، لأن كل واحد منهما ثمن ، فصار دينا بدين .
29653 - قال أبو عمر : لما اجتمع العلماء على أنه لا بأس بشراء النحاس ، والصفر ، والحديد ، والمسك ، والعنبر ، والزعفران ، وما أشبه ذلك من الموزونات بالذهب ، والورق نقدا ، ونسيئة ، دل - والله أعلم - على فساد ما أحله الكوفيون في أن الوزن جنس لا يجوز فيه التفاضل ، ولا النسأ .
29654 - ولهم ، ولسائر العلماء في أصول هذا الباب اعتراضات ، وتنازع واحتجاجات ، يطول ذكرها ، وليس كتابنا هذا موضعا لها .