1474 1444 - عن عائشة أنها قالت : إن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة ، فلما حضرته الوفاة ، قال : والله يا ابنتي ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك ، ولا أعز علي فقرا بعدي منك ، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا فلو كنت جددتيه ، واحتزتيه كان لك ، وإنما هو [ ص: 294 ] اليوم مال وارث وإنما هما أخواك ، وأختاك ، فاقتسموه على كتاب الله عز وجل .
قالت عائشة : فقلت : يا أبت ! والله لو كان كذا وكذا لتركته ، إنما هي أسماء ، فمن الأخرى ؟ قال أبو بكر : ذو بطن بنت خارجة أراها جارية .
32866 - قال أبو عمر : في حديث عائشة هذا أن من شرط صحة الهبة قبض الموهوب لها قبل موت الواهب قبل المرض الذي يكون منه موته ، وسنذكر ما للفقهاء في معنى قبض الهبة وحيازتها بعد في هذا الباب عند قول عمر : ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ، ثم يمسكونها . . . الحديث .
32868 - وفيه : أن الغنى أحب إلى الفضلاء من الفقر .
32869 - وأما إعطاء الرجل بعض ولده دون بعض ، وتفضيل بعضهم على بعض ، فقد ذكرنا ذلك .
32870 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ترك التفضيل في عطية الأبناء فيه حسن الأدب ، ويجوز له ذلك في الحكم .
32871 - قال : وله أن يرجع فيما وهب لابنه ; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : فارجعه .
32872 - قال أبو عمر : روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد أبي الشعثاء أنه كان يقول في التفضيل بين الأبناء في النحل : يجوزه في الحكم ويقضي به .
32873 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : لا يجوز وإن كان رغيفا محترقا .
32874 - وبه قال بعض أهل الظاهر .
32875 - واستدل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأن هذا الحديث على الندب ، بنحو ما استدل به مالك من عطية أبي بكر عائشة دون سائر ولده .
[ ص: 296 ] 32877 - قال : وهذا يدل على صحة الهبة; لأنه لم يأمره بردها وأمره بتأكيدها بإشهاد غيره عليها ، ولم يشهد هو عليها لتقصيره عن أولى الأشياء به ، وترك الأفضل له .
32878 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : لا بأس أن يخص الرجل بعض ولده بما شاء .
32879 - وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري أنه كره أن القضاء أن يفضل الرجل بعض ولده على بعض في العطية .
32880 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : من أعطى بعض ولده دون بعض كرهنا ذلك له ، وأمضيناه عليه .
32881 - وقد كره nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل أن يفضل بعض ولده على بعض .
32882 - وكان إسحاق يقول مثل هذا ، ثم رجع إلى قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
32883 - وكل هؤلاء يقولون إن فعل هذا أحد نفذ ، ولم يرد .
32884 - ولم يختلف في ذلك عن أحمد .
32885 - وأصح شيء عنه في ذلك ما ذكره الخرقي في مختصره عنه قال : فإذا فاضل بين ولده في العطية أمر برده ، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن مات ، ولم يردده ، فقد ثبت لمن وهب له إذا كان ذلك في صحته .
32886 - وأما قوله في حديث مالك : أكل ولدك نحلته مثل ذلك ؟
[ ص: 297 ] فإن العلماء مجمعون على استحباب التسوية في العطية بين الأبناء إلا ما ذكرنا عن أهل الظاهر من إيجاب ذلك .
32887 - إلا أن الفقهاء في استحبابهم للتسوية بين الأبناء في العطية اختلفوا في كيفية التسوية بينهم في العطية :
32888 - فقال منهم قائلون : التسوية بينهم أن يعطي الذكر مثل ما يعطي الأنثى ، وممن قال ذلك سفيان nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك .
32891 - وقال آخرون : التسوية أن يعطى الرجل مثل حظ الأنثيين ، قياسا على قسم الله تعالى الميراث بينهم ، ومن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح .
32892 - وهو قول محمد بن الحسن ، وإليه ذهب أحمد ، وإسحاق .
32893 - ولا أحفظ لمالك في هذه المسألة قولا .
32894 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث مالك في هذا الباب : فارجعه ففيه دليل على أن للأب أن يرجع فيما وهب لابنه ، فقد اختلف العلماء أيضا في هذا المعنى .
32895 - فذهب مالك ، وأكثر أهل المدينة إلى أن للأب أن يعتصر ما وهب لابنه .
[ ص: 298 ] 32897 - وليس ذلك عندهم لغير الأب ، إلا أن الأم عندهم إذا وهبت لابنها شيئا ، وهم أيتام لم ترجع في هبتها ; لأنها في معنى الصدقة حينئذ ، وإن لم يكونوا أيتاما ، وكان أبوهم حيا كان لها أن ترجع فيما وهبته لولدها .
32898 - هذا هو الأشهر عن مالك ، وقد روي عنه أنها لا ترجع أصلا .
32899 - ولم يختلف عن مالك أن الجد لا يرجع فيما وهب لابن ابنه .
32900 - وكذلك لم يختلف قول مالك ، وأصحابه أن الولد إذا وهب له أبوه هبة ، ثم استحدث الولد دينا داينه الناس عليه من أجل الهبة ، أو نكح ، لم يكن للأب - حينئذ - الرجوع في شيء من هبته لولده .
32901 - وهذا كله في الهبة .
32902 - فأما الصدقة ، فإنه لا رجوع فيها للأب ، ولا لغير الأب بحال من الأحوال ; لأن الصدقة إنما يراد بها وجه الله تعالى ، وما أريد به وجه الله لم يجز الاعتصار والرجوع فيه ، وسنذكر ما لسائر العلماء من المذاهب في الرجوع في الهبة في باب الاعتصار في الهبة - إن شاء الله تعالى ، أولى المواضع بذلك .
32903 - وإنما ذكرنا هنا قول مالك ; لما ارتبط به من معنى الحديث المسند .
32904 - وأما قول أبي بكر في حديث عائشة هذا : إنما هما أخواك وأختاك ، فقالت له عائشة : إنما هي أسماء ، فمن الأخرى ؟ فأجابها أبو بكر ، وقال : إن ذا بطن بنت خارجة أراها جارية ، فهذا منه - رضي الله عنه - ظن لم يخطئه ، فكانت ذو بطن بنت خارجة جارية أتت بعده ، فسميت أم كلثوم .
32905 - وأما بنت خارجة ، فهي زوجته ، واسمها حبيبة بنت خارجة بن زيد [ ص: 299 ] بن أبي زهير الذي آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي بكر إذ قدم المدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآخى بين المهاجرين والأنصار وكان قول أبي بكر ظنا كاليقين .
32906 - والعرب تقول : ظن الحليم مهابة .
32907 - وتقول أيضا : من لم ينتفع بظنه ، لم ينتفع بيقينه .
32908 - وتقول أيضا : الظن مفتاح اليقين .
32909 - وقال أوس بن حجر : الألمعي الذي يظن لك الظن كأن قد رأى وقد سمعا .
32910 - وروي ذلك عن عثمان ، وعلي - رضي الله عنهما -