1523 - مالك أنه بلغه ; أن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر إذا جرح ، أن لسيده أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح ، فيختدمه المجروح ، ويقاصه بجراحه من دية جرحه ، فإن أدى قبل أن يهلك سيده ، رجع إلى سيده .
قال مالك : والأمر عندنا في المدبر إذا جرح ثم هلك سيده ، وليس له مال غيره أنه يعتق ثلثه ، ثم يقسم عقل الجرح أثلاثا ، فيكون ثلث العقل على الثلث الذي عتق منه ، ويكون ثلثاه على الثلثين اللذين بأيدي الورثة إن شاءوا أسلموا الذي لهم منه إلى صاحب الجرح ، وإن شاءوا أعطوه ثلثي العقل ، وأمسكوا نصيبهم من العبد ، وذلك أن عقل ذلك الجرح إنما كانت جنايته من العبد ، ولم تكن دينا على السيد ، فلم يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره ، فإن كان على سيد العبد دين للناس مع جناية العبد بيع مع المدبر بقدر عقل الجرح ، وقدر الدين ، ثم يبدأ بالعقل الذي كان في جناية العبد فيقضى من ثمن العبد ، ثم يقضى دين سيده ، ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك من العبد فيعتق ثلثه ، ويبقى ثلثاه للورثة ، وذلك أن جناية العبد هي أولى من دين سيده ، وذلك أن الرجل إذا هلك وترك عبدا مدبرا ، قيمته خمسون ومائة دينار ، [ ص: 396 ] وكان العبد قد شج رجلا حرا موضحة ، عقلها خمسون دينارا ، وكان على سيد العبد من الدين خمسون دينارا .
قال مالك : فإنه يبدأ بالخمسين دينارا ، التي في عقل الشجة ، فتقضى من ثمن العبد ، ثم يقضى دين سيده ، ثم ينظر إلى ما بقي من العبد فيعتق ثلثه ، ويبقى ثلثه للورثة ، فالعقل أوجب في رقبته من دين سيده ودين سيده أوجب من التدبير الذي إنما هو وصية في ثلث مال الميت ، فلا ينبغي أن يجوز شيء من التدبير ، وعلى سيد المدبر دين لم يقض ، وإنما هو وصية ، وذلك أن الله تبارك وتعالى قال : من بعد وصية يوصى بها أو دين . قال مالك : فإن كان في ثلث الميت ما يعتق فيه المدبر كله عتق ، وكان عقل جنايته دينا عليه ، يتبع به بعد عتقه ، وإن كان ذلك العقل الدية كاملة ، وذلك إذا لم يكن على سيده دين .
وقال مالك في المدبر إذا جرح رجلا فأسلمه سيده إلى المجروح ، ثم هلك سيده وعليه دين ، ولم يترك مالا غيره ، فقال الورثة : نحن نسلمه إلى صاحب الجرح ، وقال صاحب الدين : أنا أزيد على ذلك ، إنه إذا زاد الغريم شيئا فهو أولى به ، ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح ، فإن لم يزد شيئا لم يأخذ العبد .
وقال مالك في المدبر إذا جرح وله مال ، فأبى سيده أن يفتديه ، فإن المجروح يأخذ مال المدبر في دية جرحه ، فإن كان فيه وفاء ، استوفى [ ص: 397 ] المجروح دية جرحه ، ورد المدبر إلى سيده ، وإن لم يكن فيه وفاء ، اقتضاه من دية جرحه ، واستعمل المدبر بما بقي له من دية جرحه .
35083 - قال أبو عمر : قد احتج مالك ، في هذا الباب ، وأوضح ما ذهب إليه ، فالزيادة فيه تكلف .
35084 - وأما اختلاف الفقهاء في جراح المدبر ; فجملة قول مالك في ذلك : إذا جنى المدبر أسلم السيد خدمته إن شاء فداه ، فإن مات سيده خرج حرا من ثلثه ، وأتبعه الجاني بما جنى .
35085 - وسنذكر قوله في جناية أم الولد في الباب بعد هذا ، إن شاء الله تعالى .
35086 - وأما أبو حنيفة فالمدبرة عنده وأم الولد سواء لا سبيل إلى إسلام واحد منهما ، وعلى السيد أقل من أرش الجناية ، أو قيمة الرقبة ، فإن جنى بعد ذلك أو أحدهما ، فالمجني عليه شريك الأول .
35087 - وقال زفر : المجني عليه بالخيار إن شاء استسعى المدبر بقية جنايته ، وإن شاء أتبع سيده .
35088 - وقال أبو يوسف ، ومحمد : يستسعى المدبر في جنايته ، ولا شيء على المولى .
[ ص: 398 ] 35089 - وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فالمدبر عنده لسيده عبد له الرجوع فيه ، وله إسلامه بجنايته ، وفداؤه كسائر العبيد .
35090 - وأما إسلام المدبر ، فهو إسلام خدمته إلى المجروح ، ليستوفي منها مقدار دية جرحه ، ثم يعتق من المدبر ثلثه إن لم يكن لسيده مال غيره .
35091 - هذا إذا لم يكن عليه دين فإن كان عليه دين وأراد الغرماء الزيادة على دية الجرح ، فهي من حقوقهم ; لأنهم يدفعون إلى المجروح من قبل أنفسهم دية جرحه ، ويأخذون المدبر لأنفسهم ، فيستوفون من خدمته مقدار ما أدوه إلى صاحب الجرح; لأن ذلك ينحط من دين صاحبه ، وإنما يقضى لهم بذلك على المجروح ، فإنه لا ضرر على المجروح في ذلك ، وفيه منفعة للعبد والورثة .
35092 - فأما منفعة العبد ، فإنه يأخذ من تلك الزيادة التي زادها الغرماء على دية الجرح ثلثها ، وتكون فيه من الحرية بقدر ذلك .
35093 - فأما منفعة الورثة ، فإنه ينحط من الدين عنهم بمقدار تلك الزيادة ; لأنه لا ميراث إلا بعد الدين .
[ ص: 399 ] 35094 - فهذه مذاهب أصول هؤلاء الفقهاء أئمة الفتوى في جناية المدبر .
35095 - وكل ما يفرع منها يسهل رده عليه بفضل الله وعونه ، وبالله التوفيق ، ولا شريك له .