الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : تقديم الوضوء على الاستنجاء .

فإذا ثبت ما وصفنا من الاستنجاء وأحكامه فينبغي للمحدث أن يقدم الاستنجاء على [ ص: 175 ] طهارته ، فإن توضأ قبل الاستنجاء أجزأه ولو تيمم قبل الاستنجاء لم يجزه ، وقال الربيع : وفي التيمم قول آخر أنه يجزيه ، فمن أصحابنا من أثبت رواية الربيع وخرج التيمم على قولين ومنهم من أنكرها وأضاف ذلك إلى روايته ومذهبه فأبطل التيمم قبل الاستنجاء قولا واحدا وإن صح الوضوء قبله .

والفرق بين الوضوء والتيمم أن الوضوء موضوع لرفع الحدث لا لاستباحة الصلاة فجاز أن يرتفع حدثه وإن لم يستبح الصلاة ، والتيمم موضوع لاستباحة الصلاة لا لرفع الحدث فلم يصح استباحتها مع بقاء الاستنجاء المانع مع استباحتها . فإن قيل : فيلزم على هذا الاعتلال إن كانت على بدنه نجاسة ألا يصح تيممه قبل إزالتها لأنه لا يستبيح الصلاة معها . قيل : قد حكى شيخنا أبو حامد أنه سأل أبا القاسم الداركي عن ذلك سؤال إلزام على هذا الاعتلال فقال فيه وجهان :

أحدها : لا يصح تيممه قبل إزالتها ، كما لا يصح تيممه قبل الاستنجاء . .

الوجه الثاني : أنه يصح ، والفرق مع بقاء الاستنجاء ، وبقاء غيره من نجاسات البدن أن نجاسة الاستنجاء هي التي أوجبت التيمم فجاز أن يكون بقاؤها مانعا من صحته ونجاسة غير الاستنجاء لم توجب التيمم فجاز ألا يكون بقاؤها مانعا من صحته والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية