مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ومن قضى متفرقا أجزأه ومتتابعا أحب إلي " .
[ ص: 454 ] قال
الماوردي : وهذا صحيح ،
الأولى في القضاء أن يأتي به متتابعا ، وإن قضى متفرقا أجزأه ، وبه قال
ابن عباس ومعاذ وأبو هريرة وأنس بن مالك ورافع بن خديج ، وهو مذهب
أبي حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء .
وحكي عن
علي بن أبي طالب عليه السلام
وابن عمر وعائشة رضي الله عنهم ،
وداود وغيره من
أهل الظاهر أنهم قالوا : إن قضى متفرقا لم يجزه ؛ تعلقا بقوله تعالى :
فعدة من أيام أخر [ البقرة : 185 ] وهذا أمر يلزم المبادرة به ، وبما روي عن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" من كان عليه شيء من صوم رمضان فليسرده ولا يفرقه " قالوا : ولأن القضاء في كل عبادة مثل الأداء ثم تقرر أن التتابع شرط في أداء رمضان فكذلك في قضائه ، ودليلنا قوله تعالى :
فعدة من أيام أخر [ البقرة : 185 ] ، ففي أي زمان قضي كان ممتثلا للأمر ، فإن قيل : فهذا أمر والأمر على الفور لا على التراخي ، قلنا لنا فيه مذهبان :
أحدهما : أنه على التراخي ، فلم يلزمنا هذا السؤال .
والثاني : أنه على الفور لكن قام دليل على التراخي ، وفي قوله تعالى :
فعدة من أيام أخر [ البقرة : 185 ] ، دليل على جواز التراخي ؛ لأن تقديره فعدة في أيام أخر وروى
عبد الله بن عمرو عن
نافع عن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
من كان عليه شيء من رمضان . فإن شاء صامه متتابعا ، وإن شاء صامه متفرقا " وروى
أبو الزبير عن
جابر قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقطيع قضاء رمضان قال : " أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضاه بالدرهم والدرهمين أما كان قد قضى دينه " فقال : نعم ، الله أحق أن يغفر ولأن القضاء في كل عبادة مثل الأداء ثم تقرر أن التتابع ليس من شرط الأداء ؛ لأنه لو أفطر يوما من الشهر لم يبطل ما يليه من الطرفين ، فكذلك القضاء فأما الآية فدليلنا ، وأما حديث
أبي هريرة إن صح فمحمول على الاستحباب ، فأما الاستدلال فقد قلبناه عليهم .