فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من حال الطلب فلا يجوز إلا بعد دخول الوقت : لأنه شرط من شروط التيمم ، فإن
طلب قبل دخول الوقت وتيمم بعد دخول الوقت لم يجزه ، وهكذا لو تيمم أو طلب وهو شاك في دخول الوقت لم يجزه ، فلو أنه
تيقن بعد شكه أن طلبه وتيممه صادف بعد دخول الوقت لم يجزه : لأنه حين تيمم كان شاكا في جواز تيممه ، فإذا
دخل الوقت فطلب وتيمم فهل يلزمه تعجيل الصلاة عقيب تيممه أو يجوز له تأخيرها ما لم يفت الوقت ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي العباس بن سريج وأبي سعيد الإصطخري يلزمه تعجيل
[ ص: 266 ] الصلاة على الفور من غير تأخير إلا بقدر أذانه وإقامته والتنفل بما هو من مسنونات فريضته ، فإن أخرها عن ذلك متى تراخى به الزمان بطل تيممه وإنما استحق تعجيل الصلاة بعد تيممه : لأنها طهارة ضرورة فكانت كطهارة المستحاضة يلزمها تعجيل الصلاة عقيب طهارتها .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب
الشافعي وقد نص عليه في بعض كتبه أنه يجوز تأخيرها ولا يلزم تعجيلها بخلاف طهارة المستحاضة : لأن حدث المستحاضة يتوالى عقيب الطهارة فبطلت طهارتها بالتأخير ، وليس بعد التيمم حدث فمنع من التأخير .
فصل : ولا يجوز
للمتيمم أن يجمع بين الصلاتين لأن الصلاة الثانية تفتقر إلى تيمم ثان ، والتيمم الثاني يفتقر إلى طلب ثان ، والطلب يقطع الجمع : لأن من شرطه الموالاة والله أعلم .