فصل : فأما الخاطئ في قتله وهو : أن
يقتله خطأ مع ذكره لإحرامه أو نسيانه لإحرامه فسواء ، والجزاء عليه واجب ، وقال
داود بن علي الظاهري : لا جزاء عليه ، وهو في الصحابة ، قول
ابن عباس ، وفي
التابعين قول
سعيد بن جبير استدلالا بقوله :
ومن قتله منكم متعمدا فجزاء [ المائدة : 95 ] ، فشرط العمد فيه إيجاب الجزاء يدل على أن الخاطئ ليس عليه جزاء ، وبقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921466رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فوجب بحق الظاهر أن يرتفع حكمه ولأن كل فعل يجب على المحرم بعمده الكفارة لم يجب عليه بخطئه الكفارة كـ " الطيب واللباس " والدلالة عليه قوله تعالى :
ومن قتله منكم متعمدا فجزاء [ ص: 284 ] [ المائدة : 95 ] ، فاحتمل أن يكون المراد به متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه ، واحتمل أن يكون متعمدا لقتله ذاكرا لإحرامه ، فإذا احتمل الأمرين يحمل عليهما : لأن ظاهر العموم يتناولها ،
وداود يخرج من العموم أحدهما ، وروى
مخارق عن
طارق بن شهاب قال : خرجنا مهلين بالحج فرحنا عشية فبدا لنا ضب فابتدرناه ونسينا إهلالنا في الحج فانصدر إليه رجل منا يقال له
أربد فقتله فقلنا ما صنعتم ! ألسنا محرمين ؟ ! فلما قدمنا
مكة صار
أربد إلى
عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر ذلك له ، فقال له
عمر احكم فقال : فأنت أمير المؤمنين وأعلم مني قال : إني لم أقل لك أن تزكيني ولكن احكم ، قال : فإني أحكم جديا قد جمع الماء والشجر ، يقول قد أكل وشرب ، قال : فهو كما حكمت . فموضع الدلالة من هذا استفاضة حكم الجزاء في العمد والخطأ بين الصحابة ، والتابعين من غير شك ، أو نزاع ، فدل على أن ذلك إجماع ، أو كالإجماع ، ولأنها نفس مضمونة بالتكفير عمدا فوجب أن تكون مضمونة بالتكفير خطأ كالآدمي : ولأن كل شيء يجب الغرم بإتلافه فالعمد والخطأ فيه سواء كأموال الآدميين .
فأما استدلالهم بالآية فقد جعلناها دليلا عليه ، وأما استدلالهم بالخبر فمحمول على رفع الإثم ، وأما قياسهم على الطيب واللباس فالمعنى في الطيب واللباس أنه استمتاع فافترق حكم عمده وسهوه ، وقتل الصيد إتلاف فاستوى حكم عمده وسهوه .